منذ إنطلاق بطولة لبنان لكرة القدم في عهدها الحديث بعد الحرب الأهلية، تتضارب الآراء حول المستوى الفني لهذه الرياضة في لبنان. فهناك من يقول ان أيام الزمن الجميل قد ولت وهناك من يعتبر ان كرة القدم أقوى وافضل، ولكل منا رأيه.
ولكن لا يختلف إثنان، على ان مستوى لاعبي الأجانب الحاليين في لبنان اصبح متدنيا بشكل ملحوظ، ويكاد يطغى مستوى اللاعب المحلي على مستوى اللاعب الاجنبي المستقدم. ربما ضعف الإمكانات المادية للأندية هي التي تساهم بشكل كبير في تدني مستوى اللاعبين الأجانب الذين يتم استقدامهم الى لبنان.
في الفترة الماضية، ترك اللاعبون الاجانب بصماتهم على الدوري اللبناني، على غرار حمادة عبد اللطيف اللاعب المصري مايسترو فريق النجمة الذي جال في الملاعب اللبنانية في تسعينات القرن الماضي، ومحمد كالون اللاعب السيراليوني الذي لعب في صفوف التضامن صور ثم اتتقل مباشرة الى انتر ميلان حيث لعب الى جانب الظاهرة رونالدو.
من منا لا يذكر مايسترو خط الوسط الذي ابدع في صفوف الأنصار اللاعب الترينيدادي دايفيد ناكيد، ومرعب خط الهجوم "الجرافة البشرية" بيتر بروسبار؟ أسماء ومستويات نفتقدها اليوم في ملاعبنا فما هو السبب، وكيف يتم استقدام اللاعبين الأجانب الى لبنان وما هو دور الوكلاء ومديري الأندية واللاعبين.
بلال فراج: اللاعب الاجنبي يمكن ان يطوّر اللاعب المحلي
يعتبر نادي الأنصار من أكثر الأندية اللبنانية استقداما للاعبين الأجانب، لذلك توجهنا الى مدير النادي بلال فراج الذي يقوم بعمله بنشاط ومهنية.
فراج اعتبر ان التراجع في المستوى الفني للاعبين الأجانب له أسباب عديدة منها نوعية التمارين، الغذاء، السهر والسلوك الشخصي والعقلية الإحترافية للاعب، اذ يمكن اعتبار اللاعب الأجنبي افضل كثيرا من اللاعب المحلي ومكانه محجوز في التشكيلة بغض النظر عن هبوط مستواه الفني .
وعن كيفية استقدام اللاعبين، اجاب مدير نادي الانصار: عامة يتم الاعتماد على الكشافين وبعدها يتحول التواصل الى وكلاء اللاعبين للتعامل معهم في حال عدم معرفتنا باللاعب وفي هذه الحالة يتم استقدام اللاعب وتجربته للوقوف على المستوى الفني. ويمكن الاتصال مباشرة باللاعب الأجنبي في حالة معرفتنا به وعدم وجود وكيل اعمال له.
وتابع فراج حديثه معتبراً ان الأجنبي ممكن ان يطور مستوى اللعب في حال كان مستواه الفني عاليا ومميزا عن اللاعبين المحليين، ويمكن ان يساهم بتطور اللاعب المحلي بحالة كان هناك تصميم من اللاعب المحلي على مجاراة اللاعب الأجنبي فنياً والتأقلم معه من خلال التمارين .
مثلا اللاعب دايفيد ناكيد ساهم بشكل كبير بتطور اللاعب المحلي ونقل خبرته الفنية الى اللاعبين.
وفي سؤالنا عما اذا كان راضيا عن مستوى الأجانب الحاليين لفريق الأنصار قال بلال فراج: فريق الأنصار معروف بنوعية اللاعبين الاجانب الذي يستقدمهم، فهم بلا شك من الأفضل على صعيد تاريخ الدوري، نسعى الآن لاستقدام افضل اللاعبين على أمل ان نوفق في المستقبل القريب.
فراس علي: هذا هو عمل الوكيل والكشاف لاستقدام اللاعبين
اذا مصير اللاعب الأجنبي والنادي معظمه مرهون بوكيل اللاعبين الأجانب والكشافين، الذين لهم الكلمة الفصل في إكتشاف اللاعب وتطويره والتواصل معه وجلبه إلى لبنان.
ولذلك كان لا بد لنا الحديث مع وكيل اللاعبين فراس علي الذي يساهم بشكل كبير في استقدام معظم اللاعبين الأجانب الى لبنان.
يقول فراس ان استقدام اللاعبين يتم بعد دراسة السوق في لبنان او اي بلد اخر حسب طلب وحاجات الفرق، وطبعاً بعد ما يطلب الفريق من الوكيل مركزا معينا او صفة معينة للاعب. وهنا يبدأ العمل فتنتقل المرحلة الى المراقبة وتتابع الفرق واللاعبون بشكل مباشر في التمارين ايضاً ونسبة تأديتهم، ومن جهة اخرى يجب ان يكون الوكيل على احتكاك باللاعب ويعرف مدى ملاءمته مع جو البلد كالجو اللبناني وفهمه وتعاونه لعقلية البلد وامكانيته بتقديم الافضل لان طريقة الاتحاد اللبناني تختلف عن الخارج.
ويتابع: في لبنانن نجد وللاسف ان كل شخص جلس في المدرجات تحول الى وكيل ....في اوروبا تختلف الحالة، انها اكثر تنظيماً اذ يجب على كل وكيل ان يكون تابعا لوكالة معينة ومعروف في الوسط الرياضي.
اما عن طريقة اكتشاف اللاعبين فيقول علي: هناك وكيل شركة تضم اكثر من وكيل يتدرج تحت اشراف وكلاء كبار وصغار، اي شخص لديه خبرة طويلة يعاونه الكشافون والوكلاء.
اما عن طريقة تقييم اللاعبين فيتابع فراس: هناك لاعبون صف اول ولاعبون صف ثاني. اللاعب الذي ينتمي الى الصف الأول هو اللاعب الذي لعب دوري ابطال اوروبا او يوروبا ليغ ومثلوا المنتخبات الوطنية، اما لاعبو الصف الثاني فهناك قسمان: اللاعب الذي بدأ يتقدم في العمر ويريد ان ينهي المسيرة بالاحتراف، او الذي لعب في أندية درجة ثانية في أوروبا او لاعب في مقتبل العمر ومستواه ليس ثابتا.
وعن سعر اللاعب ومن يضعه وكيفية تقييمه، يجيب علي: كل ناد لديه ميزانية معينة تحدد على اثرها ثمن اللاعب وانا كوكيل للاعبين أطلع على ميزانية النادي ومركز اللاعب الذي يريده الفريق ونتعاون مع النوادي على احضار اللاعبين وتجربتهم. وهنا لا يمكننا وضع الحق على الوكلاء في المستوى السيء للاعبين الأجانب، فلكل لاعب مبلغ معين ولا يمكن للنادي ان يطلب لاعب سوبر بسعر متدني.
وعند سؤالنا من اين يعرف ويأتي باللاعبين، أجاب علي: انا اعمل بنظام متابعة اللاعبين والعمل عليهم، كما لدي كشافين في مختلف القارة السمراء، واحاول أن أكون صديق اللاعبين واتابعهم واقدم لهم العرض الأفضل، كما اسعى أن يتم تجربتهم مع اكثر من نادي لبناني.
اللاعب الاجنبي بحاجة الى راحة مادية ونفسية من اجل ان يقدم مستوى افضل وهذا ما اسعى انا له شخصياً، إيجاد اللاعب المناسب في المركز المناسب مع البدل المادي المناسب ومع النادي المناسب.
وفي نهاية اللقاء تمنى فراس ان لا تضع الأندية الحق دائماً على اللاعبين الأجانب والوكلاء، وان تسعى دائماً لتطوير وضعها المادي من اجل جلب لاعبين قادرين على صنع الفارق.
لوكاس غالان: لست نادماً على المشاركة في الدوري اللبناني
كما ذكرنا في المقدمة، لطالما احترف في لبنان لاعبون يملكون امكانات عالية ومستوى فني رفيع، وبالرغم من ان مستوى الأجانب انخفض مؤخراً، لكن يبقى هناك الكثير من الاجانب الذين يقدمون نكهة اضافية للدوري اللبناني.
احد هؤلاء هو مهاجم نادي السلام زغرتا الأرجنتيني لوكاس غالان. وبما ان غالان هو اللاعب الأرجنتيني الاول الذي احترف في لبنان، كان لا بد من ان يخبرنا عن شعوره وتجربته الاحترافية في لبنان.
بدايةً رحب غالان بصحيفة السبورت الاكترونية وشكرها على محاورته، وقال حول بدايته: عندما بدأت مسيرتي لم افكر في طموح واحد فمنذ الطفولة عرفت انني أردت أن ألعب كرة القدم ، ولكن كل لاعب يريد الظهور في دوري الاضواء. لعبت في الدرجة الأولى وكانت الخطوة الثانية اللعب في اوروبا ، بفضل الله فعلت هذا أيضا ، كانت تجربة عجيبة، ولكن بالطبع طموح كل لاعب يتغير في كل وقت مع هدف موضوعي مع كل ناد جديد. وعن سؤالنا فيما اذا فكر سابقاً الإحتراف في لبنان، أجاب غالن: لم أفكر أبدا ان العب هنا .. ولكن الحياة هي من هذا القبيل لديها العديد من المفاجأت... والآن أنا سعيد جداً لقراري الصائب الذي أخذته عند مجيئي إلى هنا ..
وتابع: لأكون محترفا ليس علي ان افعل فقط ما فعلت ، اعتقد انه يجب الإستمرار في المهنة مع التركيز على ثلاث نقاط: التدريب، الراحة، الأكل الجيد. فإن كان تدريبك على اعلى مستوى ولم تأخذ قسطا من الراحة لا يمكن ان تتقدم في ادائك ، كرة القدم هي الآن تنافسية بشدة ولديها العديد من اللاعبين ويجب أن تأخذ الرعاية الكاملة في جميع الأمور، ولا يمكن أن تتوقف أبدا .. ليس لدينا عطلة، لدينا التدريب في أيام العطل وإعداد الجسم للموسم المقبل .. والشيء نفسه مع الحياة مع الطعام ولكن إذا كنت تريد شيئاً، تستطيع ان تفعل ذلك.
وعن سؤالنا اين يرى نفسه بعد لبنان قال لوكاس: انا لا أعرف اين ارى نفسي بعد مسيرة لبنان .. أنا أعمل هنا واحاول أن أبذل قصارى جهدي هنا .. لا أفكر كثيرا في مستقبلي أنا افضل الذهاب للخطوات الصغيرة. . كل أسبوع أعمل فقط للمباراة القادمة .. وبعدها سنرى .. بفضل الله .. وبعض الفرق ترسل لي دعوات للعام القادم ... ولكن لدينا مباراة مهمة مع السلام لكأس آسيا والدوري وعلينا أن نكون في اقصى تركيز ، وآمل أن استمر في لبنان وأنا سعيد جدا هنا .. الشعب والجمهور رائع وفي كل ملعب، يشعرني الجمهور بالحماس وهذا يكفي لأن اكون بحالة جيدة جدا في الملعب!
وحول المستوى في لبنان اجاب: مستوى كرة القدم واللاعبين الأجانب ممتاز اذ انني تفاجات بفرق الأنصار والنجمة والعهد ، فهي فرق متينة وممتازة والأهم يبقى تواجد جماهير رائعة تهتف للفريق بروح رياضية.
كانوتيه: رونالدو مثالي الاعلى وهدفي ان اقدم كل ما لدي
من كرة القدم في اميركا الجنوبية، الى كرة القدم في القارة السمراء، حيث كان كان لا بد من الحديث مع لاعب مميز في فريق شباب الغازية المالي عبدالله كانوتيه.
يققول كانوتيه عن مسيرته:
عندما بدأت مسيرتي كان طموحي أن اكون واحدا من أفضل لاعبي الفرق في مركزي للفوز والحصول على الميداليات من ضمن الدوليين، واللعب على مستويات عالية وان اكون نجما هدافاً في جميع الأندية، على غرار رونالدو فهو مثلي الأعلى اذ جعلني اندفع نحو حلمي. أنا في بلدي في وقت مبكر في سن 22 فقط ، آمل أن يعطيني ربي الفرصة لأقدم الكثير.
وعن تجربته في لبنان قال: لم افكر يوماً بأن العب في الأندية اللبنانية ولكن كرة القدم هي كل حياتي وانا اليوم سعيد بانني هنا وأتمنى ان اكون واقدم الأفضل ضمن هذا الموسم.
وتابع: انا اتعب كثيراً وابذل كل ما في وسعي من اجل الإرتقاء بمستوى فنياتي ولعبي، واقدم الكثير وخصوصاً في اوقات التمارين .
لغاية الآن لدي الكثير من اللحظات الشخصية ولكن التركيز الأهم على البطولة وبعدها سنرى ما الجديد.
اما بالنسبة للمستوى الفني في لبنان فقال عبدالله كانوتيه: بطولة لبنان جيدة ومستوى الأجانب جيد ايضاً وأعتقد أن الجميع يقوم بعمل جيد.
لا شك ان اللاعبين الأجانب سبب رئيسي في رفع المستوى الفني في لعبة كرة القدم في لبنان، وتجربة كرة السلة خير مثال فاللاعبين المحليين ارتفع مستواهم بشكل كبير بعد احتكاكهم بلاعبين على مستوى عالمي، ويجب ان نتعلم من تجربة كرة السلة وان تسعى الانديةكرة القدم الى استقدام افضل اللاعبين الأجانب، لأنه وللأسف مستوى اللاعبين المحليين يفوق بمعظمه مستوى اللاعبين الأجانب والمسؤول عن هذا الأمر هو الاندية لأن التخطيط السليم في بناء الفرق يبدأ من إدارات الأندية.
على امل ان نشهد مستوى مميزا للأجانب لما فيه مصلحة كرة القدم اللبنانية.