سيرج مغامس

ميزان الربح والخسارة يرافقنا كل يوم في حياتنا اليومية، وغالباً ما نعتمده لقياس خياراتنا وقراراتنا قبل اتخاذها. ولكننا في الكثير من الاحيان، نضع هذا الميزان جانباً عندما نفقد "بوصلة" التوجه و"نغرق" في نشاط ما او شعور ما ونعتاد على نمط محدد يصعب علينا تغييره.

المراهنة هي احدى تلك الاسباب التي تجعلنا نتخلى عن ميزاننا، تعرّف تلك الكلمة بثلاث معاني وهي "ميسر وحظ ومعرفة"، انتشرت تلك الفكرة أكثر وأكثر مع تطور التكنولوجيا خصوصا مع انتشار الانترنت حول العالم. ولكن ما يهمنا نحن "النشرة رياضية"، يتعلق تحديداً بالمراهنات على الاحداث الرياضية.
تشبه المراهنة الميسر لأن المستخدم يراهن برقم كبير من الاموال ويخاطر كثيرا في بعض الأحيان مما يعرضه للخسارة، ولكنها تتضمن الحظ أيضا لانه في بعض الأحيان يكون الرهان صعب فالحظ يلعب دوره ويساعد المراهن على الفوز، أما الشيء الأهم هو المعرفة والمتابعة الرياضية وتعتبر هذه النقطة الزامية لكي يدخل المراهن هذا العالم من أوسع أبوابه، فلا يمكنه أن يراهن بأمواله على رياضة لا يفهمها او يتابعها، لذلك المعرفة والمتابعة شيئان أساسيان ويساعدان المراهن على اختيار أفضل نتيجة ممكنة.


المراهنة عبر التكنولوجيا
المراهنات على الرياضة عبر الانترنتصناعةجديدة، دخلت عالم الرياضة واصبحت تلقي بثقلها على الاتحادات والأندية والفرق والمدربين واللاعبين والحكّام، فهي ليست فقط ترفيهية لنيل فرصة لربح الأموال، بل دخلت في ادق التفاصيل وبدأت تؤثر سلبا على مختلف البطولات والاتحادات، واصبحت عاملا اساسيا في فوز بعض الفرق من أجل الحصول على الملايين، والتلاعب بالنتائج دائما ما يحصل بسبب شركات المراهنات التي تنخر أهم اتحادات العالم بفسادها، فهي تشوه الرياضة فقط من أجل ربح الأموال، وعدد كبير من المسؤولين يكونون طرفا في هذا الفساد الذي تخطى حدوده المعقولة. وها من داع للتذكير ان الاعلانات التي تحيط بالملاعب الرياضية غالبا ما تروج لمواقع المراهنات، لا بل ان المواقع انفسها اصبحت راعية لعدد كبير من الاندية العريقة والشهيرة وتضع اسم الشركة على قمصان اللاعبين ليشاهدها الملايين عبر العالم على غرار موقع bwin مثلا.

وغني عن القول ان تلك الصناعة دخلت لبنان بشكل واسع، وللتعرف أكثر عليها، تحدثنا مع عدد من الشبان الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم ولكنهم يراهنون على مختلف الرياضات، ويستخدمون عدة مواقع الكترونية مخصصة للمراهنات، وبفضل خبرتهم الواسعة في هذا المجال شرحوا لنا ايضا كيف تؤثر تلك العملية على الرياضة بشكل سلبي، اذ أكدوا انها اصبحت تعادل المال، اي ان الرياضة = المال.

والغريب ان هؤلاء ينتمون الى طبقة مثقفة فهم طلاب جامعات ومدارس وملمون بالمراهنة عبر الانترنت واخذوا يشرحون تاريخ المراهنة، وقالوا "ان الفكرة بدأت قديما، فكانت تقام على الحيوانات اذ يضع الشخص رهانه على الحيوان الذي سيربح والذي يفوز يأخذ المال، وكانت تحصل مباريات بين (الدجاج والكلاب والثيران...)، ولكن ومع مرور الوقت بدأت تلك الفكرة تتطور، واليوم في عصر التكنولوجيا والتطور اختلفت الأمور، فاصبحت المراهنات عالمية وتتضمن ابسط الامور فضلا عن امكان اي شخص المشاركة عبر "الانترنت"، فتم تطوير تلك الفكرة لتصبح عالمية لتستقطب اكبر عدد ممكن من الزبائن وذلك بالطبع لربح أكبر عدد ممكن من الأموال. ومع دخول المجال الرياضي، ادى هذا الامر الى التشكيك في العديد من المبارايات العالمية في مختلف الرياضات لأن المراهنات قامت بدورها ورجحت كفة فريق على الفريق المنافس".

وأكد الشبان ان "أي شخص يمكنه دخول هذا العالم، عليه فقط ان يفتح حسابا مصرفيا وأن يحصل على بطاقة ائتمانية ولكن يجب ان تتمتع بمواصفات معيّنة أي يمكن استخدمها عبر الانترنت لان ليست كل البطاقات مخولة لهذا الغرض، فبعد الحصول على تلك البطاقة ما عليه فعله سوى الدخول الى الموقع وتسجيل رقم البطاقة وبدء وضع الرهانات".

واضافوا أن "تلك المواقع انتشرت على الانترت وتتضمن كل الرياضات، كرة قدم، كرة سلّة، كرة مضرب، سباحة، فورمولا 1، سباق الخيل، كرة طائرة...، مشيرين الى أن كل ما يأتي على فكر الانسان يمكن المراهنة عليه بفضل تلك المواقع".
وهنا، لا بد لنا كوسيلة اعلامية رياضية ان نطرح السؤال: ما الذي يمنع الاولاد القاصرين من دخول هذا العالم؟ الجواب: لا مانع ابداً. وحتى المواقع الاكثر تشدداً من ناحية الرقابة لجهة الاعمار، لا يمكنها ان تمنع دخول الاولاد لسبب بسيط اوضحه لنا المراهنون انفسهم. اذ يمكن بكل بساطة ان يعمد احد الاولاد الى استعمال بطاقة اعتماد والده، او حتى ان يطلب من احد معارفه "الكبار" استعمال اسمه وعمره وتزويده بكل المعطيات المطلوبة لدخول هذا العالم.

طريقة المراهنة والحسابات المالية
واوضحوا أن "أرقام الرهانات تختلف حسب الأندية، فالفريق القوي والذي لا يعقل ان يخسر تكون النسبة قليلة، أي تضع 1000 $ لتربح 100$، ولكن اذا كان المرء متأكدا من فوز الفريق فلن يكون لديه اي مشكلة بالمخاطرة، ولكن اذا وضع رهانه على فريق ضعيف جدا وخاطر جدا في رهانه فيضع مثلا 1000 $ فان ربحه قد يصل الى 10000 $ فهنا الرقم اختلف لان هناك امل ضئيل جدا أن يفوز الفريق الاضعف وبالطبع تختلف الأرقام مع تزايد عدد الرهانات حول العالم".

وشرحوا لنا كيفية استخدام تلك المواقع وكيف تتم عملية وضع الرهان، لافتين الى "ان بعض الرياضات تختلف طريقة المراهنة عليها، ففي كرة السلّة هناك ثلاثة ابواب: قبل بدء الدوري، قبل خوض المباراة وأثناء المباراة. فقبل بدء الدوري، يمكن للشخص ان يضع رهانه وان يرجح اي فريق للفوز بالدوري، وهنا حسب الشخص ومتابعته للرياضة يمكنه ان يحصل على معلومات اذا هذا النادي سيستقدم لاعبين اجانب اقوياء مما يرجح افضلية هذا الفريق لنيل اللقب، فهنا يضع رهانه قبل ان تحصل عملية الشراء لان نسبة الرهان أي (الأموال) تبقى مرتفعة. مثلا (وضعت رهانك بـ 100$ تفوز بـ 200$) ولكن اذا بدأت الامور تظهر بشكل اوضح وبدأت كمية المراهنات ترتفع على هذا الفريق وجميع المتابعين يرجحونه للفوز بالدوري فهنا تنخفض نسبة الأرباح بمعنى (اذا وضعت رهانك بـ 100$ تفوز بـ 50$) لذلك يمكنك استباق الأمور وتضع رهاناتك عندما تكون النسبة في أعلى مرتبة ممكنة".

وتابعوا: أما في الشق الثاني، فيمكنك ان "تضع رهانك قبل ان تبدأ المباراة بين الفريقين وهنا الرهان يختلف، فالفريق المرجح للفوز اكثر من منافسه تكون نسبة الربح بالأموال اقل من الفريق المرجح للخسارة في المباراة. (مثلا ميامي هيت سيواجه شارلوت بوبكاتس، المنطق يقول ان ميامي هيت سيفوز في المباراة، لذلك الأموال التي ستفوز بها اذا وضعت رهانك على هيت تكون قليلة "200$ تفوز بـ 50$"، اما اذا وضعت رهانك على بوبكاتس يكون رقم الاموال مرتفع "200$ تفوز بـ 400$")".

أما الشق الثالث فهو أثناء المباراة، "فهنا الأرقام تكون مثل البورصة ترتفع وتنخفض حسب النتيجة، مثلا (من يفوز ومن يربح، اذا تعرض لاعب لاصابة، اذا عدد الاخطاء على لاعب اساسي ارتفعت مما يرجح كفة الفريق المنافس على الفوز، كل الأرقام تتغير حسب مجريات المبارات)، أما الرهانات أيضا تختلف، فيمكنك ان تراهن على (أي فريق سيفوز، الفارق بالنقاط، اي لاعب سيسجل اكبر عدد ممكن من النقاط، عدد الأخطاء التي ارتكبها الفريق او لاعب معيّن، عدد الأوقات المستقطعة، اذا سيحصل وقت اضافي اما لا، عدد الرميات الحرّة، عدد السلات الثلاثية، اذا مجموع الفريقين فوق الـ 150 او تحت الـ 80، اي فريق سيسجل أكثر في الارباع الاربعة...)".

اموال كرة القدم والرياضات الاخرى
أما بالنسبة لكرة القدم، فأكّد الشبان أن "بعض الأمور تختلف، فمروحة المراهنة اوسع ولكن ايضا يمكن المراهنة على من سيربح الدوري قبل ان يبدأ، وقبل المباراة واثنائها. ولكن، أثناء المباراة يمكن المراهنة على عدد الركلات الحرّة، عدد الضربات الركنية، عدد ضربات الجزاء ومن سيسددها وهل ينجح الحارس في صدها ام لا، وهل سيسجل اللاعب ام لا، (وهنا الرهان يكون مرتفعا جدا، لأن نسبة تضييع فرصة تسجيل ركلة جزاء ضئيلة)، عدد البطاقات الحمراء، عدد البطاقات الصفراء، التبديلات، عدد الأخطاء على الفريق، اذا سيتعرض لاعب للاصابة، عدد الأهداف في المباراة، اي فريق سيتقدم في النصف الأول من المباراة، النتيجة النهائية، من سيسجل الأهداف وفي أي دقيقة، عدد الأهداف التي سيسجلها اللاعب،...".

وتابع الشبان المراهنون: "يمكن المراهنة أيضا أثناء سوق انتقالات اللاعبين، الى اي فريق سينتقل وما هو المبلغ الذي سيدفعه النادي له، كما يمكن المراهنة على قرعة دوري أبطال أوروبا والمجموعات والفرق المؤهلة، واثناء مبارايات دوري الأبطال يمكن المراهنة على الفريق الذي سيتأهل، واذا كان سيخسر في مباراة الذهاب ولكن سيفوز ويتأهل في مباراة الاياب والعكس صحيح".

أما بالنسبة لرياضة التنس فكشفوا أن "الأمور تختلف أيضا عن مختلف الرياضات، فيمكن أيضا المراهنة على اللاعب الذي سيربح قبل بدء البطولة، أما أثناء المباراة فالرهانات متشعبة أيضا، فيمكن وضع الرهان على عدد الارسالات، اذا سيربح اللاعب الارسال ام سيكسره اللاعب الخصم، اذا سيلمس الارسال الشباك ام لا، عدد النقاط التي سيفوز بها، عدد المجموعات، النتيجة في كل مجموعة، عدد التعادلات، عدد الارسالات، في المجموعة الواحدة كم نقطة سيسجل، وبالطبع كل ارقام المراهنات تختلف أنثاء المباراة وبين لاعب ولاعب آخر".

وفي رياضة الفورمولا 1 ومختلف الرياضات الميكانيكية، أكد الشبان أن "الخيارات ليست واسعة ولكن يمكن المراهنة على عدد كبير من الأشياء، فيمكن المراهنة على السائق الذي سيفوز بالبطولة قبل انطلاقها، ويمكن المراهنة قبل بدء السباق وعلى التجارب الحرّة والرسمية".
وأثناء السباق، "يمكن المراهنة على ما اذا كانت ستدخل سيارة الأمان أم لا، وكم مرّة ستدخل على حلبة السباق، اي سائق سيتعرض لحادث سير، اذا سيكون السائق بين الثلاثة الاول، اذا سيصعد السائق على مصنة التتويج، اذا سيخرج من السباق...".

أما بالنسبة لسباق الخيل، فأوضحوا أن "الخيارات ضئيلة جدا، فتقسّم المراهنات الى أشواط، وعددها يكون اربعة فتختار الحصان الذي تريده وتضع رهانك عليه، ولكن التلاعب بالنتائج سهل ودائما ما يحصل، لأن الشخص الذي يمتطي الحصان يتم رشيه لكي يخسر السباق، لذلك هنا المراهنات تقول كلمتها من اجل تغيير النتيجة".

لبنان يتأثر ايضاً
وعن كيفية عمل تلك المواقع، أكدّوا أن "غالبية المواقع العالمية تتضمن كل الدوريات العالمية ومنها اللبنانية، واذا اردنا التحدث عن لبنان، فهذه الشركات لديها وكلاء هنا. مثلا (مباراة تحصل بين فريقين وليس هناك اي تغطية اعلامية ولكن رغم ذلك يمكن متابعة احداث المباراة عبر مواقع المراهنات مع احصاءات المباراة). وقدر الشبان ان يكون بالتالي بين الموجودين على طاولة الحكام او داخل الملعب وكيل للموقع يتابع المباراة ويضع المعطيات على الموقع لكي تضع الناس رهاناتها.

وشرح الشبان الرافضون الكشف عن أسمائهم أن "تلك الشركات تضع وكلاء من داخل لبنان لان الموقع عالمي ولكي تكون الرهانات التي يضعها المرء معقولة، عليه ان يختار احدا من البلد المذكور يشرح عن الدوريات اللبنانية ويقدم جميع المعطيات عن الفرق"، مضيفين أنه "اذا كان الدوري غير معروف او مشهور ولا أحد يعرف اسماء الفرق ومن هو الأقوى ومن الأضعف فلا يمكن للشركة ان تضع ارقام الرهانات كما يجب". ولم يستبعد الشبان ان تعمد الشركة الى تعيين شخص من داخل الاتحاد يقوم بمساعدتها على معرفة التفاصيل عن الفرق وعن الدوري"، موضحين أنه "اذا اراد شخص اجنبي ان يراهن على لعبة معينة في الدوري اللبناني عليه ان يعرف ادق التفاصيل عن الفرق".
ووجهوا دعوة الى الاتحادات اللبنانية خصوصا الذين لم يدخلوا بعد في عالم المراهنات، الى أن ينتبهوا ويأخذوا الحيطة والحذر، لان تلك الأمور تنهك الرياضة وتفقدها جماليتها وتؤثر سلبا على اللاعبين والأندية والجماهير".
وذكروا بما حصل من تلاعب ورشاوى عرف بعض منها في لبنان، وتحديدا في لعبة كرة القدم، وفضيحة الحكام اللبنانيين، مؤكدين ان ما لم يعرف اكثر بكثير مما يتم كشفه.

الوجه السلبي
أما بالنسبة لسلبيات المراهنات، فهي كثيرة، وأكد الشبان انها تلقي بثقلها على مختلف الاتحادات والبطولات عبر العالم، موضحين أن "الاتحادات الدولية تعاني من هذا الموضوع لان التلاعب ينخر بكل الالعاب خصوصا كرة القدم، ومواقع المراهنات خرقت كل الدوريات واصبحت كالمافيات، واصبحت تدير الدوريات في كرة القدم، مما يؤثر على جمالية اللعبة".

واضافوا أن "لاعب كرة القدم من قبل كان يمارس اللعبة لانه يحبها وليس فقط من اجل المال، وحتى الاموال التي كان يحصل عليها كانت قليلة جدا مقارنة بيومنا هذا، ولكن اليوم اختلفت الأمور فأصبحت الرياضة صناعة وتدر أرقاما طائلة من الأموال".

وتابعوا: "المراهنات بدأت تؤثر على المشاهدين ايضا لان بعض الاشخاص يراهنون ضد الفريق الذي يشجعونه، وذلك فقط من اجل ربح الأموال، فيفضلون الرهان على مصلحة فريقهم". مثلا (أنت تشجع تشيلسي ولكن اليوم مقتنع ان مانشستر يونايتد سيفوز على تشيلسي، فتضع رهانك على يونايتد، فاذا سجل هدفا او فاز تفرح، فاصبحت تشجع الفريق الذي لا تحبه فقط من اجل المال).

وأكدّوا أن "في كل الرياضات اصبحت الاموال تتكلم، فعندما يفوز لاعب في بطولة للتنس لا ييتم التركيز على عدد النقاط التي حصل عليها بل على المبلغ الذي فاز به، فكل شيء اصبح مرتبطا بالمال".

وتابعوا أن "هناك بعض اللاعبين الذين يضعون رهانات على أنفسهم، ولكن حساب المسستخدم لا يكون باسمهم لانه لا يحق للاعبين ان يراهنوا، مثلا (حارس مرمى يضع رهانا على نفسه انه سيتلقى هدفا واحدا اثناء المباراة، فاذا كانت شباكه خالية من الأهداف واقتربت المباراة من نهايتها يسمح للفريق المنافس ان يسجل في مرماه لكي يفوز بالرهان والأموال، وبعض اللاعبين لا يهمهم اذا خسر فريقهم ام فاز بل يهمهم كسب الاموال).

واضافوا: "في كرة القدم، عادة الحكم هو الذي يرجح مصير الفريق، وبالتالي يمكن لشركة المراهنات اذا تعذر عليها خرق النادي او الفريق الذي يخوض المباراة، ان تصل الى الحكم، وذلك فقط لكي تربح اكبر عدد ممكن من الأموال التي راهن عليها الناس، وفي بعض الأحيان تتم رشوة المدرب الذي يمكن أن يضع تشكيلة غير قوية".
مثلا: (الفريق الذي يفوز بدوري الأبطال يفوز بمبلغ 55 مليون دولار، ولكن مباراة ليون وريال مدريد في ربع نهائي دوري الأبطال طرحت اكثر من علامة استفهام، فقد فاز ليون على ارضه 1- صفر، مما يعني أن ريال سيفوز اقله 3-0 في مباراة الاياب – حسب التوقعات - وقتها حصل رقم قياسي في المراهنات، ووصلت القيمة الى أكثر من نصف مليار دولار اذا لم نقل أكثر، فاذا خسر ريال تربح شركة المراهنات 500 مليون، واذا ربح ريال مدريد فسيكون عنده النصف النهائي والنهائي وستكون فرصته بالفوز ضئيلة من اجل الفوز بمبلغ الـ 55 مليون، فهنا تقوم شركة المراهنات بعلمها عبر رشوة المسؤولين أو حتى النادي واغرائه بالأموال وتعطيه مثلا 100 مليون وتقول له ان يخسر".

أما بالنسبة للتنس، "فيمكن للاعب أن يتلاعب بالنتيجة، ولكن الحكم لا يمكنه أن يقوم بأي شيء وذلك بسبب تطور التكنولوجيا، ومع وجود نظام عين النسر الذي يرى بوضح اذا الكرة دخلت او خرجت، لا يمكن التلاعب كثيرا بالنتائج في التنس، ولكن اللاعب يمكنه ان يتلاعب اثناء المباراة ويكسر ارساله او حتى الانسحاب من المباراة. - ولكن لماذا يقوم بهذا الأمر؟ - مثلا: (البطولة ككل ستربحه مليونين دولار، لاعب قوي يلعب ضد لاعب مستواه اضعف، فهنا كل المراهنين يضعون رهاناتهم على اللاعب القوي، والجميع مقتنع ان اللاعب القوي سيفوز فيضع رهان مرتفع، فاذا عدد الرهانات ارتفع كثيرا لتصل الى 200 مليون دولار في العالم كله، فالشركة هنا لكي تربح اكبر رقم ممكن من الأموال تتفق مع اللاعب، فاذا اللاعب سيربح مليونين من المباراة تعرض عليه خمسة ملايين وتطلب منه ان يخسر المباراة".

عبرة لمن يعتبر
في الختام، لا يمكننا القاء اللوم فقط على شركات المراهنات التي" تشوه" الرياضة بطريقة شرعية وتفقد الدوريات العالمية جماليتها، بل يمكننا لوم من يقبل بتلك الخروقات ويضعف أمام المال على حساب عشاق الرياضة، فهنا المسألة مرتبطة بالأخلاق لذلك ما من حلّ جذري للمسألة طالما الأمور مرتبطة بشركات عالمية تضم رجال أعمال ومستثمرين يملكون أسهما في تلك المواقع، عملهم يقتصر فقط على كيفية رشوة بعض الحكام واللاعبين والمسؤولين فقط من أجل زيادة ثرواتهم.
صحيح ان المراهنة على الرياضة شرعية في عدد كبير من الدول، ولكن شرط ان تكون بأرقام معقولة وأن تكون تلك المواقع قانونية وتتم متابعتها من قبل الدولة، فيمكن تنظيمها على أن تكسب الدولة نسبة من الارباح، وهذه النسبة يمكن الاستفادة منها ودعم الأندية الضعيفة او الاتحادات المنهارة فتساهم بتطوير الرياضة.
وبالطبع لا يمكن شمل جميع اللاعبين والمدربين والحكّام والأندية والاتحادات في هذه العملية الخبيثة التي تشوه جمالية الرياضة، لأن بعض هؤلاء يفضلون الألقاب وتحطيم الأرقام القياسية ودخول التاريخ على أن يتقاضوا أموالا غير قانونية من أجل خدمة مصلحتهم الشخصية، فلا يزال هناك من يحب الرياضة ويرفض ان يكون طرفا في هذه اللعبة السوداء، وحلمه هو فقط تحقيق الألقاب.
في النهاية، كم من رجل أعمال كان غنيا وأفلس بين ليلة وضحاها وكم من فقير أصبح غنيا بفضل الحظ، ولكن في كلتا الحالتين الادمان على المرهنات يحول الشخص الى مهووس بالمال ليتحول من مراهن هاو الى مقامر مجنون يعرض حياته وحياة الآخرين للخطر، وتتكسر احلامه واحلام عائلته ومن حوله على صخرة مراهناته، فيربح الاموال ربما ولكنه يخسر نفسه، فيصح عندها القول: خسر المراهنون ولو ربحوا.