ليس بالضرورة انتظار الاصابة بالامراض كي نلجأ للعلاجات، فالحل لتفادي اغلبها متوافر أمام اعيننا، ويتمثل "بتمارين اللياقة البدنية"، فالجسم السليم هو الجسم الذي يحمل من القوة والمرونة ما يكفي للتغلب على الصعوبات. وهذه القوة لن تأتي وحدها بل عبر التمارين الرياضية.

من هنا انطلق المدرب شادي حاتم صاحب نادي "radical fitness" ، وصاحب عيادة " Chadi hatem PT clinic"، في حديثه لصحيفة "السبورت"، حيث يؤكد ان مزاولة التدريبات لديها تأثير ايجابي على تنمية العضلات وتقوية العظام كما انها تساهم بتخفيف الاوجاع وتسهيل الدورة الدموية. ويضيف حاتم: "التمارين الرياضية تبعد اخطر الامراض عن الانسان كأمراض القلب ومشاكل التنفس والتهابات المفاصل".

من جهته يشير المدرب والمعالج الفيزيائي جو فغالي صاحب عيادة ونادي "body coach" الى ان الرياضة تبدأ مع الانسان منذ الصغر و هي تتغير بين طفل وطفل فهي تمنحه حياة "مصغرة"، وتعطيه حباً للحياة والمنافسة، وغيرها من الاحداث التي تنمو معه حتى يبلغ سن الرشد، فممارسة التمارين تساعد الانسان ان يكبر من دون التعرض لحوادث كبيرة وذلك الى ان بيلغ سن الـ 25 حيث يتوقف الانسان عن النمو ويبلغ مرحلة المحافظة على جسده. ويضيف في حديث لـ"السبورت": "بعد سن الخامسة والعشرين تصبح التمارين امرًا ضروريًا لتفادي العديد من الامراض كأمراض القلب، الكوليستيرول، التريغليسيريد والدورة الدموية والتنفس، بالاضافة الى شكل الانسان الخارجي".

ولكن ليست كل التمارين تشبه بعضها وليست كلها مفيدة بالمطلق لأي كان، لذلك يشير حاتم الى انه اذا اراد الانسان ان يحافظ على صحته، فعليه ممارسة رياضة "الكارديو" لحوالي 150 دقيقة اسبوعيًا، اي بحدود الـ 20 دقيقة يوميًا، اما اذا كان يعمل خلف المكتب طوال النهار فعليه ان يمارس الرياضة 30 دقيقة يوميًا". انما اذا اراد الشخص خسارة الوزن وشد عضلات جسمه فعليه حسب حاتم ان يكرس ساعة ونصف الساعة يوميًا للرياضة بالاضافة الى الخضوع لتمارين خاصة يومين او ثلاثة في الاسبوع تقسم الى 8 او 10 تمارين".

وفي نفس الوقت فإن فوائد الرياضة لا تقتصر على الحالة الخارجية للجسد، بل تتعداها لتصل الى الحالة النفسية للانسان، فالجسد حسب فغالي يفرز بعد اداء التمارين الرياضية هرمون الاندورفين، الذي يمنح الرياضي الكثير من الراحة النفسية والحس بالاكتفاء، مع الاشارة الى ان "الاندروفين" يرفع نسبة الفرح والسعادة، كذلك فإن كل الضغط النفسي يمكن تفريغه بالتمارين الرياضية، ويمكن القول ان الجو العام الذي يحيط بالانسان سيصبح صحيا اكثر. ويضيف: "قد يصبح الانسان مدمناً على التمارين الرياضية نظرًا لفوائدها على الحالة النفسية لذلك نحن نحاول معرفة التمارين التي يحبها والتشديد عليها وذلك يتطلب حوالي اسبوعين او ثلاثة لكي يتعود الجسد على التمارين".

ماذا يقول ممارسو الرياضة؟

ان كل ما سبق من حديث عن الرياضة يوافق عليه من يمارسها، فمثلا يقوم جورج اشقر بممارسة التمارين الرياضية في بحر الاسبوع منذ تسع سنوات ، فالرياضة تشكل جزءاً اساسيًا من حياته ونشاطاته اليومية. وقال: " امارس عدة انواع من التمارين الرياضية لمدة ساعة ونصف الساعة، وهي عبارة عن تمارين اليدين، الرجلين، الكتف، الظهر، والصدر بالاضافة الى المعدة والكارديو"، مشيرا الى ان التمارين الرياضية تساعد على ازالة ضغوط العمل وتعطي شعورا جميلا وراحة نفسية، كما تمنح الجسد الطاقة اللازمة التي تجعله يتحمل الكثير من الضغوطات دون تعب، اضافة الى المظهر الخارجي الجميل والجذاب.

من جهتها تتدرب ميرنا معتوق في النادي الرياضي ثلاث مرات في الاسبوع ولمدة ساعتين في كل جلسة. وشرحت ماهية التمارين التي تمارسها: "أنا اقسم وقتي في كل جلسة فأبدأ بالمشي لمدة 30 دقيقة ومن ثم ابدأ بالبرنامج الذي يحضره لي المدرب"، مضيفة: "هناك عدد من التمارين التي تتطلب وقتا لكي اتقنها، خصوصا وانني من المدخنين اذ ان هذا الامر يؤثر سلبا على قدرتي على التنفس بشكل سليم وبالتالي ممارسة جميع انواع التمارين".

وكما أشقر كذلك معتوق، فالرياضة تمنحها الشعور الجميل وتساعدها على الابتعاد عن هموم عملها الشاق، كما تصفه. وتقول: "أنا احوّل طاقتي الى شيء ايجابي مما يشعرني بالسعادة وحب الذات بالاضافة الى جو النادي الرائع ووجود الاصدقاء".

وأكدت معتوق ان التمارين الرياضية تساعدها على تحسين شكلها دون عبء الدهون التي تكثر في الدم، فالرياضة الى جانب النظام الغذائي السليم الذي تعتمده يساهمان باعطاء جسدها شكلا رياضياً.

مخاطر التمارين

في كل نشاط يقوم به الانسان لا بد ان يحمل معه بعض المخاطر، فللتمارين الرياضية مخاطرها ايضا وهي الحوادث التي يمكن ان تنتج عن ممارستها. ومن ابرز هذه الحوادث حسب فغالي "التمزق القوي والتمزق البسيط، الفكش، الجرح، لعيان النفس والتقيؤ"، كذلك يمكن ان تصل الخطورة الى "النوبة القلبية" التي قد تنتج عن ممارسة التمارين بشكل خاطىء.

ويضيف: "هنا على المدرب معرفة كيفية التصرف في حال حصول مثل هذه الحالات فأنا انا كمعالج فيزيائي ومختص بالرياضة درست كثيرًا واكتسبت العديد من الشهادات، لذلك نطبق في النادي المعايير المعتمدة في الخارج حيث يوقع الرياضي على ورقة اتفاق تفصل كامل حالته الطبية و جميع الامراض والاصابات التي قد يعاني منها، وعلى الرغم من ذلك، من الضروري على المدرب ان يكتسب كامل المعرفة والخبرة الطبية لتفادي ابسط واخطر الحوادث من تمزق بسيط الى نوبة قلبية".

وهذا ما يشدد عليه حاتم ايضا حيث يدقق كثيرًا في اختياره للمدربين الذين يعملون لديه والذين يفترض بهم ان يكونوا من حاملي شهادات طبية مختصة.

وفي نفس اطار الاصابات المحتملة او المخاطر الممكنة مع ممارسة التمارين الرياضية، يشير مارون خوري، وهو شاب يمارس التمارين الرياضية منذ اعوام الى اهمية القيام بعمليات الاحماء قبل بدء التمارين، وخصوصا التمارين التي تحتاج جهدا عضليا، وذلك لان عمليات الاحماد تساهم بتحضير العضلات كي تصبح قادرة على تحمل ضغط التمارين، مما يعني الابتعاد اكثر فأكثر عن اصابات التمزق العضلي والتشنجات العضلية.

ويقول لـ"السبورت": "انا انصح كل من يتدرب ان يبتعد عن استعمال الهرمونات التي قد تودي بحياة الانسان لان قلبه لن يتحمل الطاقة التي تمنحه اياها وسيؤدي ذلك الى النوبة القلبية، كما يمكنه عوض ذلك الاكتفاء باستعمال الامينوأسيد والبروتينات المفيدة، فالهرمون وان كان يسمح للانسان ان يحصل على جسد رياضي ومنتفخ الا انه يضرب خلايا اخرى في الرأس والجسد.

بعد كل ما سبق يمكن اختصار فوائد التمارين الرياضية بنقاط محددة ابرزها من الناحية الجسدية، الوقاية من أمراض القلب والسكتة الدماغية، الوقاية من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، دورها الريادي في عملية تنظيم الوزن، رفع مستوى اللياقة البدنية وقدرة التحمل لجسم الانسان، اضافة الى الوقاية من امراض اخرى. أما من الناحية النفسية فهي تساهم تقليل التوتر والعصبية والشعور بعدم الثقة بالنفس وتعزز الشعور بالسعادة.

من يريد ان يعيش حياة صحية، عليه ان يمتلك الارادة الكافية، يقول حاتم. فالحفاظ على الجسد امر ضروري جدًا لكنه لا يحصل دون ممارسة الرياضة التي تساعد على بناء الجسم السليم والحياة السليمة، وهذا الامر لم يعد خافياً عن أحد حسبما يرى فغالي. ويضيف: " لدينا العديد من الافكار لتوعية الاطفال خاصة على اهمية التمارين الرياضية، وسنحاول ابتكار وسائل جديدة للتوعية.