تشكل المشاركة في الالعاب الأولمبية حلم كل رياضي لما يكتسبه هذا الحدث من شهرة واسعة على الصعيد العالمي ولما يكتسب هذا الحدث من رمزية رياضية جامعة أضفتها معايير اللجنة الأولمبية الدولية التي تقوم على مبادئ المساواة والنزاهة والسلام. وينضوي تحت جناح اللجنة الأولمبية الدولية 205 بينهم اللجنة الأولمبية اللبنانية التي تأسست عام 1946 وانتسبت إلى اللجنة الأولمبية الدولية عام 1947 فيما سجلت أول مشاركة أولمبية دولية عام 1948 في أولمبياد لندن في ألعاب الرماية، المصارعة والملاكمة.

لمحة عامة

وبحوزة لبنان أربع ميداليات أولمبية، اثنان منها فضية واثنان برونزية فيما لم يحقق رياضيو لبنان عبر تاريخ مشاركاتهم أي ميدالية ذهبية. الميدالية اللبنانية الأولى كانت فضية عبر زكريا شهاب في اولمبياد هلسنكي 1952 في المصارعة الرومانية ثم تبعتها فضية أخرى عبر محمد طرابلسي في أولمبياد ميونخ 1972 في رفع الاثقال. أما البرونزية فكانت عبر خليل طه في أولمبياد هلسنكي 1952 في المصارعة الرومانية اليونانية ثم حسن بشارة في أولمبياد موسكو 1980 ايضا في المصارعة اليونانية الرومانية.


تضم اللجنة الأولمبية اللبنانية 33 اتحادا هم: ألعاب القوى، التجذيف، الريشة الطائرة، كرة السلة، الملاكمة، الدرّاجات، الفروسية، الكرة الطائرة، كرة القدم، القوس والنشّاب، الجمباز، كرة اليد، رفع الاثقال، المصارعة، الجودو، السباحة، التزلّج على الثلج، التنس، كرة الطاولة، الرماية، التايكواندو، الكانوي كاياك، اليخوت، سلاح المبارزة، الركبي يونيون، الترياتلون، اتّحاد رياضة المعوقين ولجنة انشطة الغوص والإنقاذ والتاي بوكسينغ والكيك بوكسينغ ولجنة التزلج المائي ولجنة كرة السرعة.


وقبل كل أولمبياد صيفي، تتجه الأنظار إلى البعثة اللبنانية حيث تطرح عدة علامات استفهام حول كيفة اختيارها وتشكيل الوفد المرافق للاعبين من إداريين، حيث يكثر الحديث عن دور للمحسوبيات في هذا الإطار.


كيف يتم اختيار اللاعبين


ولمعرفة المزيد عن كل الامور المتعلقة بالمشاركة اللبنانية المرتقبة في ريو 2016 تحدث الزميل احمد علاء الدين مع عضو اللجنة الأولمبية ورئيس البعثة اللبنانية لأولمبياد ريو 2016 ​مازن رمضان​، وكان السؤال بداية عن كيفية اختيار اللاعبين المشاركين في الأولمبياد فأجاب بأن اللجنة الأولمبية الدولية هي من تحدد معايير المشاركة الأولمبية بينما تقوم الإتحادات الدولية الخاصة بكل لعبة بإقامة التصفيات الأولمبية وفق تلك المعايير. في الألعاب الجماعية ككرة السلة وكرة القدم غيرها، يتم تحديد عدد محدد عن كل قارة ويتم اختيار المشاركين بعد القيام بتصفيات قارية أو حتى بطولات خاصة ككأس أسيا او كأس اوروبا... اما الألعاب الفردية فتضع اللجنة الأولمبية أرقاما محددة في كل لعبة ومن يحقق أرقاما تحت سقف معين يشارك تلقائيا كالركض 100 متر، مثلا العداء الذي يركض هذه المسافة تحت 10.75 ثانية يشارك تلقائيا في الألعاب الأولمبية ويصل عدد المشاركين إلى 10400 لاعب في جميع الألعاب.


واشار رمضان الى أنه في الألعاب الفردية يتم اختيار أكثر من نصف اللاعبين من بطولة العالم حيث يتأهل الأفضل ومن ثم تجري مرحلة ثانية تكون عبر البطولات القارية أو المناطقية كتصفيات غرب آسيا مثلا في كرة الطاولة. كذلك يتم اعتماد تصنيف النقاط في بعض الألعاب ككرة المضرب حيث يؤخذ التصنيف العالمي للاعبين واللاعبات بعين الإعتبار.


إذا لا دور للجنة الأولمبية في اختيار أي لاعب للمشاركة فالأمور هي بيد اللاعب ومستواه والمعيار هو معيار دولي وليس أبدا معيارا محليا. وأشار رمضان إلى أن اللجنة الأولمبية عبر ميزانيتها المحدودة، لا تستطيع دعم كافة الرياضيين الذي يرغبون في التحضير للمنافسة على البطاقات الأولمبية، لذلك تقوم وبالتعاون مع الإتحادات المحلية على دعم بعض اللاعبين المميزين أصحاب الحظوظ الأعلى في تحقيق نتائج جيدة وأصحاب الأرقام الأفضل، وهذا يتم عبر الإتحاد المحلي لأي لعبة الذي يعطينا كافة التفاصيل ويختار لنا اللاعب الذي ندعمه وبعد هذا الأمر نطلب أرقامه ونتائجه وعلى أساسها نقرر مساعدة اللاعب او لا. لذلك ليس لدينا القدرة أو الرغبة حتى في تفضيل لاعب على لاعب.


ورفض رمضان تسمية اللاعبين المرشحين للتأهل لأنه سيكون نوعا من التمييز والظلم للاعبين الآخرين فالكل لديه حظوظ والتصفيات المحلية هي التي ستحسم، وإن كان بعض اللاعبين أرقامهم غير قابلة للكسر أو للغقتراب منها حتى لكننا نعتمد مبدأ تكامل الفرص والتصفيات تمتد عادة لشهري نيسان وأيار المقبلين.
وكشف أن اللجنة الأولمبية الدولية تقدم مساعدة عبر صندوق التضامن الدولي إلى اللجان الأولمبية الوطنية ومنها اللجنة الأولمبية اللبنانية التي تمول عبر هذه المساعدة سبع اتحادات محلية لدعم تحضيرات رياضييها الممكن تأهلهم إلى دورة الألعاب الأولمبية وهي: التايكواندو، الجودو، المبارزة، الرماية، ألعاب القوى، السباحة، كرة الطاولة.


وردا على سؤال حول مدى قدرة لبنان على تحقيق ميدالية في ريو 2016، قال رمضان بأن اللجنة الأولمبية الحالية ومنذ وصولها منذ 3 سنوات كانت واقعية جدا في هذا الخصوص، فالأمر ليس متعلقا فقط بالشق المادي، بل بتأمين ملاعب وزيادة عدد المنافسات المحلية وبتفرغ تام من قبل الرياضي وإقبال جماهيري أكبر وجعل أي لعبة لعبة جماهيرية تجذب الرعاة، لذلك نحن وضعنا هدفا واقعيا أكثر وهو المشاركة بأكبر عدد ممكن من الرياضيين. وقال أن ناصيف الياس لاعب الجودو هو من لديه الحظوظ الأعلى للمنافسة على ميدالية نظرا لتقدمه حاليا على المستوى الاسيوي. ولم يخف أن اللاعبين اللبنانيين بحاجة لمعسكرات إضافية مع زيادة الدعم المادي والمنافسات الخارجية لكن كل هذا صعب حاليا نظرا للظروف المحيطة بالرياضة اللبنانية.


وتابع: لا يمكننا لوم الإتحادات المحلية لأنها لا تملك المال ومساعدات وزارة الشباب والرياضة لا تلبي شيئا من الإحتياجات لكننا كلجنة أولمبية نقوم بكل ما نستطيع به ونسعى لمساعدة الجميع ضمن الإمكانيات المتاحة، ونحن نتابع تحضيرات جميع اللاعبين ونجتمع دائما مع الإتحادت المحلية لنرى كيفية التحضير والإستعداد ونراقب عمل هذه الإتحادات حتى نضمن شفافية عملها بمبدأ تكافؤ الفرص وكل الأمور مشجعة لحد الآن والنجاح في حال حصوله هو نجاح للجميع.


ولفت الى أن بعثة لبنان كانت في بكين 2008 مؤلفة من 5 أشخاص وفي لندن 2012 من 10 اشخاص والآن نأمل أن تكون أكثر من ذلك. ونحن لدينا كوتا من 4 أشخاص محسوم تأهلهم من كل بلد وهما رياضيان من الذكور ورياضيتان من الأناث كما أن هناك نظام المشاركة ببطاقة دعوة وإذا ما استطعنا تأهيل 6 أو 7 لاعبين عبر نظام التصفيات القارية فهذا سيكون إنجازا كبيرا.


وختم رمضان حديثه بأن كل ما يشاع عن تسهيل اللجنة الأولمبية لأكبر عدد من الإداريين للمشاركة في البعثة وأحيانا يفوق عدد اللاعبين بضعفين أو ثلاثة هو غير صحيح على الإطلاق إذ أن تحديد عدد الإداريين هو من مهام اللجنة الأولمبية الدولية والمشرفون على القرية الأولمبية، فبعد معرفة عدد اللاعبين المشاركين لكل دولة، يتم إدخال العدد على برنامج آلي خاص يحدد تلقائيا عدد الإداريين لكل دولة نظرا إلى عدد الرياضيين المشاركين. فكل لاعب يحتاج لمدرب واداري فطبيعي أن يكون المعدل لكل 5 لاعبين 10 إداريين أو حتى أكثر، اعتمادا على نوع اللعبة المشارك بها وإذا ما كان لدى اللاعب مدرب خاص غير مدرب المنتخب، لذلك لا علاقة للجنة الأولمبية اللبنانية بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد.

تحتاج الميدالية الأولمبية إلى عمل متواصل وإلى خطة عمل كاملة متكاملة تبدأ بتأمين شق مادي وشق إداري، والواقع يقول أن لبنان لديه بعض اللاعبين المميزين على صعيد الألعاب الفردية الذين يملكون مهارات جيدة لكن عدم التعامل بإحترافية إضافة إلى ظروف العمل والتمارين تعيق عملية تطوير اللاعبين فعملية الإحتراف لا تبدأ فقط في الرياضة بل هي سلسلة كاملة متكاملة تبدأ بين اللاعب والمدرب والإتحاد و المكان الذي يعمل فيه اللاعب ومدى تفهمه لحاجات اللاعب وللأسف هذه الامور الأساسية للمنافسة على الصعيد الأولمبي ما زالت مفقودة.

الميدالية الاولمبية تحتاج الى ميزانية كبيرة


احد الإتحادات التي تسعى لتأهيل رياضييها للمشاركة في الألعاب الأاولمبية هو اتحاد ألعاب القوى لذلك توجهنا إلى أمين عام الإتحاد ​نعمة الله بجاني​ الذي أخبرنا بأن اتحاد ألعاب القوى لديه بطاقتين مضمونتين في دورة الالعاب الأولمبية تكون لأفضل لاعب وأفضل لاعبة موضحا ان اختيار هذين اللاعبين يعتمد على نتائج الموسم الحالي الذي يمتد إلى حزيران 2016 وعلى نتائج الموسم الماضي.


واستبعد أن يتأهل أحد آخر، فالأرقام المحلية بعيدة جدا خصوصا بوجود بلدان عريقة في ألعاب القوى. فمن أصل 210 دولة لا يتأهل أكثر من لاعبين إلا من حوالي 30 دولة. فالرقم العالمي المطلوب تحقيقه خصوصا في المسافات القصيرة، سريع جدا ولا يمكننا منافسته في الوقت الحالي. ونجن كإتحاد نفضل أن يذهب لاعبونا في المسافات القصيرة حيث يكون الفرق بينهم وبين اللاعبين الآخرين قليلا لأن سباقات المسافات القصيرة، مهما كبر وقتها يبقى صغيرا، اما أن يذهب لاعبون في المسافات الطويلة ويكون الفارق بينهم وبين الفائز 4 أو 5 دورات فهذا أمر لا نحبذه على الإطلاق لأننا نسعى لتمثيل مشرف على أقل تقدير.


وأشار بجاني إلى ان وضع الإتحاد من الناحية المادية غير جيد ولا يسمح بتطوير رياضة ألعاب القوى ولا يمكن لوم أحد هنا لأن الوزارة ميزانيتها محدودة للغاية وهي لا تملك إمكانية مساعدة الإتحادات المحلية كما هي تريد فميزانية وزارة الشباب والرياضة في لبنان هي ربع ميزانية أي اتحاد في بلد غير لبنان. ورأى أن الميدالية الأولمبية صعب تحقيقها في هذا الوقت لأن تحقيق الميدالية يحتاج إلى ميزانية عالية وهي حلقة كاملة متكاملة من عنصر مادي وتخطيط إداري، فالمهارات موجودة خصوصا لدى اللاعبين الصغار وأنا أجزم بأنهم على مستوى عال جدا لكن المشكلة أن لا شيئ متوفرا لهم، وعندما يتأمن هذا الأمر سنرى نتائج ملفتة دون أدنى شك ولو على الصعيد الأسيوي بداية.


وفي ما خص المساعدة المقدمة عبر اللجنة الأولمبية اللبنانية من صندوق التضامن الدولي، أكد بجاني أن إتحاد العاب القوى طلب مساعدة للاعبين وهما نور الدين الحديد في سباق 100 م. وكريستيل صانع في الوثب الطويل، وقد وافقت اللجنة الأولمبية اللبنانية على مساعدتهما لكن هذا الأمر لا يعني أنهما من سيذهبان حتما إلى الالعاب الأولمبية، والمساعدة هي بسيطة وبقيمة 450 $ وهي لا تكفي أبدا إذ أن المصاريف من مواصلات ومدربين وفيتامينات تحتاج إلى أكثر بكثير، لكن أنا اشكر اللجنة لأنها تقوم بكل ما بوسعها وهذا أمر ممتاز متمنيا ان نصل عما قريب إلى مناقشة فكرة الإحتراف الكامل والسعي إلى تطويرها ومحاولة القيام بها لما ستترك من آثار إيجابية على الرياضة اللبنانية بشكل عام والعاب القوى بشكل خاص.

الياس ناصيف ضمن تأهله الى الاولمبياد


ومن بين الإتحادات التي تعمل جاهدة لتحقيق نتائج جيدة في الألعاب الأولمبية، اتحاد الجودو الذي التقينا رئيسه ​فرنسوا سعادة​ الذي أكد لنا أن التصفيات المحلية المؤهة للألعاب الأولمبية تسير بشكل متواصل وهي ستنتهي في ايار 2016 كاشفا أن اللاعب الياس ناصيف قد ضمن تأهله إلى الالعاب الاولمبية واللاعب الثاني دميانوس زيادة أصبح قريبا جدا من التأهل. وأكد أن الإتحاد اللبناني للجودو يقوم بما عليه لتحضير اللاعبين ضمن الأمكانيات المتوفرة. وكشف أن اللاعب ناصيف الياس هو لاعب " مشروع ميدالية " مؤكدة في الالعاب الأولمبية القادمة بناء على مستواه والبطولات العالمية التي احرزها، لكن القرعة ستلعب دورا مهما في مسار نتيجته إذ أن المواجهات الأولى في لعبة الجودو عادة ما ترسم خريطة التأهل للأدوار النهائية والمنافسة على الميداليات الملونة.


وشدد على أن الإتحاد يدعم ناصيف بكل ما يقدر عليه من الاعفاء من رسم الإشتراك إلى تأمين كافة تفاصيل مشاركاته في دورات خارجية في فرنسا، الإمارات، روسيا، برازيل... من إقامة ومدرب وسفر وكل ما نقدر عليه لتجهيزه بأفضل طريقة ممكنة وأنا متفائل جدا بهذا اللاعب وقدرته على تحقيق ميدالية ذهبية حتى! لكن سعادة اشتكى في الوقت نفسه من الوضع المالي الصعب للأتحاد مشيرا إلى أن كل هذا المال يدفع من الجيب الخاص والدولة غائبة ولم تدفع أي ليرة للتحضيرات، مع أن الكل يدرك أن هناك بطلا يمكنه تحقيق ميدالية للبنان لكن الكل غائب عن السمع، كاشفا أن وزير الشباب والرياضة وافق على صرف 12 مليون ليرة لناصيف بعد فوزه ببطولة العالم لكن حتى الآن لم يقبض اللاعب أي مال والمساعدة لم تصرف.أما المساعدة المصروفة من اللجنة الأولمبية فهي بسيطة جدا وتشكل نسبة بسيطة مما يحتاجه اللاعب لذلك لا يمكن القول إتها تجهز لاعبا يشارك في الأولمبياد مع أنها ابدت استعدادها لرفع المبلغ ولو بشكل قليل، شاكرا وزير الاتصالات بطرس حرب الذي طلب من شركة ألفا دعم ناصيف على قدر الإمكان وهو ما حصل فعلا.

وأكد سعادة أن اتحاد الجودو لو قدر له الحصول على 20 % من الميزانيات التي تصرف لتجهيز منتخب كرة القدم او كرة السلة لحقق الكثير الكثير للرياضة اللبنانية. وأبدى عتبه على الإعلام الذي لا يهتم بلعبة الجودو بالشكل الكافي لأن جمهورها قليل وهذا ينعكس سلبا على موضوع الرعاة الذي لا يهمهم دعم أي رياضة معتم عليها إعلاميا، ورغم سعي الأتحاد الدائم لتسويق اللعبة إلا أن أحدا لا يتجاوب، وهو يعرض بطولاته باستمرار على إدارات التلفزيونات المحلية بغية نقلها لكن لا احد يقبل بحجة أن الرياضة غير معروفة ولا تجذب نسب عالية من المشاهدين.


وقال ان العديد من اللاعبين قد ملوا من الوضع الحالي ومن عدم القدرة على الجمع بين الرياضة والعمل، ما دفعهم لهجر اللعبة كجورج مرعب، رودي حشاش وغيرهم... كاشفا أن اللاعبة كارين شماس المعتكفة عن التمارين حاليا بسبب "القرف" الذي وصلت إليه كانت من أهم اللاعبات في آسيا وحصدت الكثير من الميداليات الملونة عربيا وأسيويا وعالميا، لكنها عندما أنهت دراستها الجامعية وجدت ان الجمع بين الجودو والعمل صعب في بلد مثل لبنان، فبدأت بالإبتعاد تدريجيا عن هذه الرياضة وهي لن تشارك في أولمبياد ريو مع أنها كانت من ابرز المرشحات، وهذا جزء مما يعانيه الرياضيون في لبنان.


عزيزة سبيتي​ وحلم التأهل


يعاني الرياضيون اللبنانيون من قلة اهتمام ومن عدم توفر المنشآت الرياضية لإقامة تدريبهم عليها وهذا هو الأمر الأهم فالصالات الرياضية المجهزة أو مضمار الركض أو نوادي الفنون القتالية إضافة إلى ملاعب الالعاب الجماعية لا تلبي الحاجات الأساسية في حدها الأدنى ورغم ذلك لا يسمح الرياضيون اللبنانيون لهذا الأمر بأن يؤثر على إرادتهم بالوصول وتحقيق نتائج جيدة تعكس حقيقة إمكانياتهم. ومن هؤلاء الرياضيين تبرز العداءة عزيزة سبيتي التي تبلغ 23 عاما وهي عداءة على المستوى المحلي والدولي منذ عام 2008. التقينا عزيزة وسألناها عن بداية مسيرتها فأجابت: بدأت تمريني الإحترافي منذ أن كان عمري 17 سنة عندما انضميت إلى نادي الجمهور تحت إشراف " أليس كيروز " .

وفي أيار 2009 تم اختياري كجزء من المنتخب الوطني اللبناني المشارك في دورة الالعاب الفرنكفونية التي أقيمت وقتها في بيروت. وبعدها بأشهر في عام 2010 شاركت ايضا مع المنتخب في البطولة العربية التي أقيمت في سوريا ثم في البطولة العربية للشباب حيث أحرزت الميدالية الفضية في سباق 100 م. برقم بلغ 12.29 ثانية ثم شاركت بعدها في بطولة العالم للشباب والتي كانت بطولتي الدولية الأولى. وفي نفس العام أي 2010 فزت بسباقي 100م. و200م. في بطولة لبنان. في عام 2011 بدأت الأمور تسوء بعض الشيئ حيث تعرضت لإصابة أبعدتني لحوالي سنتين عن المضمار. لكني لم أستسلم وعدت أقوى حيث كسرت رقمي في 100م في بطولة لبنان 2014 حيث ركضت المسافة بـ12.15 ثانية، ما أهلني للمشاركة مع المنتخب الوطني في دورة الالعاب الأسيوية داخل الصالات، ثم كنت اللبنانية الوحيدة التي شاركت في بطولة العالم داخل الصالات. وفيما خص آخر نشاطاتها هذا العام تقول سبيتي:استطعت هذا العام الركض تحت حاجز 12 ثانية ورقمي الأفضل رسميا هو 11.91 ثانية وشاركت في عدة بطولات أيضا في 2015 كالبطولة العربية بدولة آسيا، والأهم كانت بطولة العالم حيث كنت الوحيدة التي مثلت لبنان هناك.


سبيتي ترى أن هذا الموسم سيكون موسما مميزا في مسيرتها فريو 2016 يبعد حوالي 11 شهرا وكل تمارينها والعمل الشاق الذي تقوم به هو من أجل تلك اللحظة. وقالت: لقد تلقيت بعض الأخبار بأني سأكون هناك وفرصي في المشاكرة تبدو جيدة إذا تابعت الظهور بنفس المستوى الذي ظهرت به الموسم الفائت. أنا أدرك جيدا أني قادرة على كسر الرقم اللبناني المحلي في 100 م ( 11.84 ثانية ) وفي حال حققت هذا الأمر ، سيكون عاملا مساعدا بلا شك للتأهل إلى ريو 2016. وتؤكد سبيتي عدم حصولها على أي مساعدة مادية من أحد فهي تتمرن في نادي " سي أس جي " حيث تتلقى علاجا فيزيائيا من دون مقابل في حال لزم الأمر لكن غير ذلك فلا يوجد أي داعم أو راع مادي لها. وترى سبيتي أن الحصول على دعم مادي في حال حصوله سيساعدها في السفر والمشاركة في اللقاءات الدولية التي ستطور مستواها بلا شك لأنها تعودت على التحمل واللعب تحت الضغط خلال أي بطولة دولية.


وتشير إلى أن المشاركة في الألعاب الأولمبية هي حلم كل رياضي والفوز بميدالية هو في غاية الروعة لكن لتحصل على ميدالية أولمبية يجب ان تكون رياضيا متفرغا ومحترفا وليس كما أنا الآن، أمارس الرياضة في وقت محدد. جميع من يحرز ميداليات أولمبية لديهم الإمكانيات المادية والطبية والجهوزية التامة من ناحية المعدات وجهاز فني وإداري متكامل وهذا كله يفتقده لبنان حاليا. وكما يقولون، العمل الصعب يهزم الموهبة لكن العكس غير صحيح، وكل ما يمكننا القيام به حاليا هو المنافسة لتحقيق نتائج جيدة. ولا تخفي سبيتي إعجابها بالجيل الصاعد والناشئين في لعبة ألعاب القوى وهناك بعض المواهب المميزة وكل ما يحتاجون له هو الإهتمام والرعاية والدعم المادي والمعنوي ومعظمهم لا يتابعون في هذا المجال لأن الرياضة تشكل تأثيرا كبيرا على تحصيلهم العلمي، لذلك يجب وضع برامج تعليمية خاصة لهم والتنسيق بين الرياضة والتحصيل العلمي وهذا ما يحصل في كل الدول الأوروبية والأميركية، ما يشجعهم أكثر على تقديم مستوى أعلى ويشجع الأطفال على ممارسة الرياضة والتعلق بها.


وأشادت سبيتي في نهاية حديثها بمدرستي الجمهور والشانفيل واعبرتهما مثالا يحتذى من ناحية دعم الناشئين وعدم تضارب مواعيدهم الرياضية والدراسية معا معتبرة أن هذا ما ينقص لبنان حاليا لتطوير الرياضة فيه.

نعم ينقص لبنان الكثير من أجل الحصول على ميدالية أولمبية لكن ما يحز في القلب أن هذا النقص ليس سببه ضعف المواهب، إنما ضعف مادي وإداري وتنظيمي. ورغم ذلك يبقى هناك أشخاص يحلمون بهذه الميدالية ويسعون إلى ان تشرق شمس الرياضة اللبنانية الصيف المقبل على شواطئ ريو دي جانيرو متأملين التغلب على كل الصعاب مع أمل أن يكون الوفد اللبناني وليس كما كل مرة، ضيف شرف على هذه الألعاب بل رقما صعبا منافسا ومبرهنا بأن الإرادة والعزم والتضحية تستطيع التغلب على كل الصعاب.