تعتبر رياضة السيارات من الرياضات التي لا تحظى بدعم كبير في لبنان ولا يسلط عليها الضوء بشكل كاف ولا يعطيها الإعلام الرياضي حقها كاملا، ورغم ذلك تراها تنشط في هذا البلد وخصوصا على صعيد الراليات وبشكل اقل في رياضة الكارتينغ، ولها جمهورها الخاص الذي يتابع وبشكل متتال جميع الانشطة التي تقام سنويا. لا يوجد اتحاد خاص لهذه اللعبة لكن النادي اللبناني للسيارات والسياحة الذي تأسس منذ أكثر من خمسين عاما، هو من ينوب عن الإتحاد ويقوم بعمله كما انه منتسب إلى الإتحاد الدولي للسيارات ( فيا ) وينظم كافة النشاطات المتعلقة بالرياضة الميكانيكية في لبنان.

عماد لحود​: نقوم بواجباتنا كاملة

ولمعرفة وضع رياضة السيارات والتعرف عليها عن قرب وما يقوم به النادي اللبناني للسيارات والسياحة، كان لقاء مع رئيس لجنة السيارات في النادي اللبناني للسيارات والسياحة ومنسق "الفيا" في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا عماد لحود الذي أخبرنا بداية أن النادي اللبناني تأسس عام 1919 وانتسب للإتحاد الدولي للسيارات عام 1966 و هو بمثابة الإتحاد بالنسبة للفيا، وبعد انتسابنا لم يؤسس أحد اتحاد للسيارات لأننا كنا نتعامل مباشرة مع الاتحاد الدولي ولبينا كل شروطه فحتى لو تأسس اتحاد سيكون من الصعب عليه الإنتساب للفيا.

ورأى لحود أن النادي هو الوحيد غير المسيس في لبنان والعمل يطال فقط ولا يوجد أي مشاكل مثل باقي الإتحادات، فلا استقالات جماعية ولا لوائح سياسية ولا أي شيئ من هذا القبيل. واعتبر أن وضع رياضة السيارات في لبنان جيد ونحن من الدول الفاعلة جدا على صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدعم من رئيس اتحاد الشرق الأوسط للسيارات القطري ناصر العطية، بدليل النجاح الكبير الذي حققه رالي لبنان 38 مؤخرا والذي شارك به عدة سائقين قطريين على مستوى عال يتقدمهم العطية اضافة إلى السائقين اللبنانيين مع البطل روجيه فغالي، ناهيك عن نوعية السيارات المتطورة التي شارك بها السائقون مع ميزانيات عالية جدا ما يدل على اندفاع السائق اللبناني وسعيه للمنافسة وهذا ما فعله سابقا روجيه فغالي عندما فاز برالي فرنسا منذ فترة. واضاف: ان التألق في عالم السيارات غير مرتبط بجنسية أو بلد بل بمدى موهبة السائق وكفاءته.

وأشار إلى أن رياضة السيارات تتمتع بجماهيرية كبيرة في لبنان والدليل أننا في رالي لبنان وفي كل سنة نقوم بإغلاق الطرق في اكثر من 100 بلدة من أجل الرالي لحوالي 3 ساعات دون أي تذمر أو اعتراض من الأهالي، كما أن الجمهور يتواجد وبكثرة على الطرقات أثناء السباق.

وكشف عن توجه لاعتماد لبنان كمرحلة ثابتة من بطولة العالم للراليات لكن هذا الأمر يحتاج لاستقرار سياسي وفي حال اعتمد هذا السباق، سيتم ادخال أموال كثيرة إلى السوق اللبنانية عبر الفنادق والمطاعم والسيارات... وأنا طرحت الموضوع مع رئيس الإتحاد الدولي للسيارات جون تود الذي رحب بالفكرة خصوصا أنه زار لبنان لمرات عديدة، وحتى أنه شارك أيام شبابه في سباقات هنا لذلك هو يشجع هذا الأمر كما أن رئيس لجنة الحكام في رالي لبنان هذه السنة كان نفسه مدير سباق البرتغال وقال لنا بأن لبنان لا ينقصه شيئ لينظم سباقا في بطولة العالم، لكننا ننتظر قليلا لضمان استمرارية الوضع الأمني على ما هو عليه مع زيادة أكثر في الإستقرار السياسي الذي هو اساس فس هذا الأمر لأننا قادرون على تحقيق هذا الحلم الذي سيعطي بلا شك الرياضة الميكانيكية والرياضة اللبنانية بشكل عام دفعة هائلة.

وردا على من يرى بأن النادي لا يقوم بواجبه كاملا تجاه رياضة السيارات، أوضح أن النادي وكي يبقى دائما في عملية تطويرية، يقيم حوالي 35 سباقا في السنة وبنسبة أكبر من كل الدول المجاورة، كما يدعم كل السائقين الشبان ضمن امكانياته المالية. وكشف أن النادي يسوق لخطة إعلانية تدخل له بعض المال وهو يعمل على توسيعها أكثر فأكثر، فالنادي يصرف فوق المليون دولار على رياضة السيارات سنويا أي أكبر من أي اتحاد محلي في اي لعبة خصوصا اننا في الأصل لسنا اتحادا ولا نلقى أي مساعدة من الدولة، ووضعنا بالنسبة لباقي الدول المجاورة ماديا أفضل فالكل يعاني باستثناء الإتحاد القطري لذلك نحن لا نعتبر أنفسنا مقصرين ابدا بل نقدم كل ما لدينا من أجل هذه الرياضة.

وعلى صعيد رياضة الكارتينغ، اشار الى أن المشكلة هي عالمية فلا يوجد بطولة واحدة عالمية بل عدة بطولات مصنعين لكن أهم بطولة حاليا هي بطولة روتاكس العالمية التي تنظم ايضا في لبنان على حلبة بيت ستوب كارتينغ وهي حلبة مميزة حيث تقام عليها بطولة لبنان وهناك ايضا حلبات أخرى تقيم بطولات خاصة بها لمصنعين آخرين. وقال اننا نمتلك سائقين مميزين في الكارتينغ كباتريك نجيم لكن المميز حاليا هو الشاب اللبناني روبن أبو شبكة الذي يسابق في بلجيكا ويحقق نتائج لافتة جدا ومن الممكن إذا استمر بهذا الأداء أن يكون في الفورمولا 3 ولم لا مستقبلا في الفورمولا 1، موضحا أنه يحاول دعم أي موهبة عبر علاقاته في الخارج من أجل أن يكون هناك سائق لبناني في الفورمولا 1 وهو حلم كبير يسعى لتحقيقه في حال رأى سائقا صغيرا موهوبا.

وختم لحود حديثه بأن الإستقرار السياسي هو فقط المطلوب من أجل تطوير رياضة السيارات أكثر فأكثر لأن هذه الرياضة لها جمهورها الخاص، وهناك تغطية إعلامية جيدة والموهبة في القيادة موجودة فالعناصر الكفيلة بالنجاح موجودة ونحن فقط بحاجة إلى جو هادئ كي نعمل أكثر ونجذب سباقات أكثر ما سيعود بالفائدة على البلد عموما والوضع الإقتصادي خصوصا.

نيكولا اميوني​: عاتب على الـATCL

تعج رياضة السيارات بمواهب شابة كثيرة حققت نتائج مميزة وأثبتت أنها تستطيع مجاراة مستوى السائقين العالميين لكنها تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي في مسيرتها الطويلة. ومن إحدى هذه المواهب يبرز نيكولا أميوني صاحب الـ 26 عاما وبطل رالي لبنان 2014، ووصيف رالي لبنان 2015 إضافة إلى إنجازات كثيرة في عالم الرياضة الميكانيكية.

تكلمنا مع نيكولا وسألناه أولا عن تقييمه لرالي لبنان الأخير حيث حل في المركز الثاني خلف روجيه فغالي فأجاب:كان سباقا مميزا بوجود روجيه فغالي الغني عن التعريف والقطري ناصر العطية وعدد آخر ن المتسابقين القطريين أصحاب الشأن، كنت حامل لقب رالي لبنان 2014 لكني لم أستطع الدفاع عن لقبي بصراحة لأني لم اكن أملك السيارة القادرة على الفوز والسبب بكل بساطة هو عدم وجود ميزانية كافية لتحقيق هذا الأمر.

روجيه تسابق على متن سيارة فورد وأنا تسابقت على سيارة الميتسوبيشي والفارق بين السيارتين كبير جدا لكني بعد انسحاب ناصر العطية من السباق حققت المركز الثاني بعد منافسة شديدة، وهذا كان أقصى ما يمكن تحقيقه.

وعن المحطة المقبلة بعد رالي لبنان كشف أميوني ان لا شيئ في الأفق حاليا إذ أنه لم يجد لحد الآن داعم مالي له رغم أنه يبحث ورغم أنه من أفضل السائقين حاليا في هذا المجال إلا أنه متفاجئ من عدم رغبة الشركات الراعية في دعمه ماديا للمشاركة في سباقات أخرى وهذا أمر غير جيد لرياضة السيارات ولا للسائقين اللبنانيين الشباب. ولم يخف عتبه على النادي اللبناني للسيارات والسياحة لأنه لا يقوم بدوره بشكل كاف في هذا المجال فهو فقط ينظم السباقات ويشرف عليها بينما دوره الحقيقي هو أبعد من هذا، اذ عليه تأمين ميزانية عالية وطلب مساعدة من وزارة الشباب والرياضة إضافة إلى زيادة عدد السباقات ووضع خطة تسويقية لجلب المزيد من الرعاة والداعمين للعبة وكل هذا لا يحصل في الوقت الحالي.

وتابع: لكن الطموح كبير وأنا ورغم أني بدأت اشعر باليأس إلا اني لن أستسلم لضعف الإمكانيات المادية وأنا قادر إن شاركت بسيارة جيدة جدا على أن أفوز ببطولة الشرق الأوسط للراليات فمجرد فوزي برالي لبنان وسباقين غيره أستطيع القول أني قادر على الفوز بالبطولة لكن الأمور حاليا متوقفة وانا لن أقف مكتوف الايدي، مؤكدا ان الوضع في البلد إذا تحسن ستتحسن رياضة السيارات بلا شك وسيأتي داعمون جدد لهذه الرياضة ما سيسمح بإبراز اكثر للمواهب في لبنان.

رونالد عبود: طموحنا ارسال اكبر عدد من سائقي الكارتنغ الى الخارج

تعتبر الكارتينغ هي باب الفورمولا وان، فالسائقون في الفورمولا بدأوا في رياضة الكارتينغ وكانوا مبدعين ما أهلهم للتدرج في بطولات أكبر وصولا للمشاركة في هذه الفئة الأهم على صعيد الرياضة الميكانيكية. وطبعا يوجد في لبنان كارتينغ وهناك عدة حلبات رسمية تقام عليها السباقات إضافة إلى الحلبات التي تستخدم على صعيد اللعب للهواة. كما ان هناك بعض الأكاديميات التي تعطي دروسا في كيفية تعلم القيادة على حلبات الكارتينغ وتخرج سائقين جيدين على أسس رياضية صحيحة ليتاسبقوا في البطولات المحلية ويسعوا إلى التالق والنجاح والفوز بالسباقات. ومن هذه الاكاديميات تبرز "كارتينغ أكاديمي" في المونتيفيردي.

مدير الاكاديمية رونالد عبود أخبرنا بأن الأكاديمية تقدم دروسا في كيفية قيادة سيارات الكارتينغ للراغبين من الأعمار الصغيرة والكبيرة لكن العدد محدود إذ أنه بحوالي 20 شخصا لأن رياضة الكارتينغ في لبنان محدودة ولا تلقى إقبالا كثيفا.

وقال ان الأكاديمية تتعاون مع أكاديمية " أس دبليو أس " الفرنسية للسائقين المبتدئين حيث نرسل السائق الأفضل لدينا الذي يفوز في البطولة التي ننظمها على مضمار الحلبة إلى فرنسا للمشاركة في بطولة عالمية، حيث يحتك مع سائقين جددا ويكسب الخبرة التي تمكنه من تطوير قدراته أكثر فأكثر، وفي حال تألق هناك وفاز بعدة سباقات وحصل على نقاط كثيرة، يتم تقديم عرض له من الكشافين الموجودين هناك للقيادة في أوروبا على مستوى أعلى وهذا ما نطمح إليه شخصيا كأكاديمة وهو ايصال أكبر عدد ممكن من السائقين للمشاركة خارجيا في سباقات تفتح لهم آفاق جديدة في عالم السباقات.

وأضاف: هناك نوعان من سيارات الكارتينغ، الأولى بقوة 27 حصانا والثانية بقوة 16 حصانا وسباقات النادي اللبناني للسيارات والسياحة تقام بسيارات النوع الأول (27حصانا) أما نحن فنستعمل سيارات من النوع الثاني (16 حصانا) لأننا نرى أن على اي سائق أن يبدأ بالسيارات الأقل قوة ويتدرج تلقائيا خطوة حطوة كي يصل إلى الإحترافية في القيادة.

وكشف أنه لا حصص محددة لتعلم قيادة سيارة الكارتينغ بل ترجع لمهارة المتعلم فمن الممكن أن يتعلم بعد حصتين أو بعد خمس حصص او عشر حصص فالأمر متعلق بقدرة المتعلم على الإستيعاب السريع والتطبيق الدقيق داخل السيارة.

ودعا إلى الإضاءة أكثر من الناحية الإعلامية على رياضة الكارتينغ وإلى زيادة عدد الأكاديميات ونشرها جغرافيا في كل المناطق اللبنانية فكلما انتشرت اللعبة كلما زاد عدد المتسابقين ما سيزيد تلقائيا عدد السباقات الذي سيجلب رعاة جددا، لأن المهارات موجودة في لبنان لكن كل ما ينقص هو موضوع الرعاية والدعم المادي والمعنوي فالسائقون اللبنانيون يملكون مهارات خارقة في القيادة لكن لا شيئ يتأمن لهم ما يسبب في عدم إبراز موهبتهم بالشكل الصحيح.

ميشال كنعان​: لزيادة حلبات المارتنغ وافساح المجال للمشاركة الخارجية

لدى لبنان مواهب كبيرة على صعيد الكارتينغ وخصوصا في فئة الناشئين وهي تبرز في جميع السباقات التي تقام ضمن البطولة المحلية وتبشر بمستقبل واعد في حال تم رعايتها وتوجيهها بشكل مناسب ومن هؤلاء السائقين يبرز الشاب ميشال كنعان الذي أخبرنا أنه بدأ في رياضة الكارتينغ منذ أن كان صغيرا لأنه كان يعشق السرعة وهو بدأ منذ العام الماضي في التسابق في بطولة لبنان ( روتاكس ) وحقق في موسمه الأول نتائج مميزة جدا جعلت الأنظار تتجه إليه كسائق واعد وذو موهبة كبيرة.

ويقول كنعان أن الشعور وراء سيارة الكارتينغ شعور رائع، فعندما تنزل إلى الحلبة وتغلق عينيك تشعر وأنك تطير. ويستمر هذا الشعور حتى تطفئ المحرك، تخرج من السيارة وتغادر الحلبة. وعن بطولة لبنان لهذا الموسم اوضح أنه حاليا يحتل المركز الثالث في البطولة المحلية ( روتاكس )، وهناك سباقان متبقيان وآمل بتحقيق الأفضل فيهما لتحسين مركزي ولم لا الحصول على فرصة في الفوز بالبطولة.

وردا على سؤال حول كيفية تطوير رياضة الكارتينغ في لبنان اجاب أننا بحاجة إلى زيادة وقت القيادة، مع كسب السائقين لمزيد من الخبرة عبر زيادة عدد السباقات وجلب سائقين من الخارج على مستوى عالمي للمشاركة في سباقاتنا أو سفر السائقين للخارج للمشاركة في سباقات عالمية. وللأسف هذا فقط متوفر لمن يربح بطولة لبنان كل سنة حيث يشارك في بطولة روتاكس العالمية ما يمنحه الفرصة للإحتكاك بشكل أكبر مع سائقين محترفين، كما أن المشاركة الخارجية بلا شك ستلفت الانظار إليك وستجعل الرعاة يدعموك بشكل اكبر ما سينعكس على المستوى العام للسائق وللبطولة ولرياضة الكارتينغ.

واسف لعدم وجود مسار محدد لرياضة الكارتينغ في لبنان أو مسار طويل وعلى مدى زمني أكبر، ما يدفع سائقي الكارتينغ إلى القيادة خلف السيارة بشكل مؤقت قبل أن ينتقل إلى الراليات أو يسافر للخارج كي يسابق في بلدان أخرى ويتابع هذه الرياضة.

كنعان أبدى أسفه لغياب الدعم الرسمي وقلة التغطية الإعلامية الذي ينعكس سلبا على هذه الرياضة داعيا وسائل الإعلام إلى تغطية أكثر واهتمام أكبر برياضة الكارتينغ ما سيدفع إلى زيادة عدد الجمهور الذي هو عنصر أساسي في تطوير أي رياضة.

لا ينقص رياضة السيارات المواهب ولا الإمكانيات البشرية كي تصعد وتبرز وجه لبنان الحضاري في هذه الرياضة وما يمتلكه من سائقون في مختلف الفئات من مهارات مميزة جعلتهم وبأقل الغمكانيات يتفقون ويبدعون، كل ما نحتاجه في ههذ الرياضة هو استقرار سياسي ودعم رسمي واهتمام إعلامي أكبر، ما يضمن في حال حصوله، إنجازات كثيرة ستجعل بلا أي ادنى شك لبنان قبلة للأنظار ومحطا لأهم السباقات العالمية وموطنا لمواهب مبدعة قادرة على صناعة تاريخ جديد للرياضة الميكانيكية في لبنان.

احمد علاء الدين