تعد كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى حول العالم وينبثق عنها لعبتان رئيسيتان هما كرة الصالات والكرة الشاطئية وهما لعبتان رسميتان لهما بطولاتهما الخاصة، قوانينهما الخاصة ولجان ترعاهما وتتابع شؤونهما.
لكن لعبة ثالثة تنتشر بشدة في هذه الايام وخصوصا في لبنان.إنها لعبة الميني فوتبول التي تمارس وبشكل يومي، فما هي الميني فوتبول ؟ وهل لها قوانين خاصة بها ؟ ولماذا هي لعبة غير رسمية رغم كل هذا الإنتشار الواسع؟
الميني فوتبول وكما يعبر عنها اسمها هي لعبة كرة القدم إنما بشكل مصغر يمكنها استيعاب بين 5 و7 لاعبين لكل فريق بدلا من 11 لاعبا، وذلك حسب كبر حجم الملعب واستيعابه لعدد اللاعبين. قوانينها هي مزيج بين قوانين كرة القدم وكرة الصالات وهي تأخذ صفة الهواية، إذ لا يوجد جهة رسمية في لبنان- أي إتحاد كرة القدم- تشرف عليها.
تكثر ملاعب الميني فوتوبل في المناطق اللبنانية فيكاد لا يخلو حي أو شارع من ملعب صغير لممارسة هذه اللعبة. لكن لماذا اللعبة غير منطمة وغير معترف بها ؟ ولماذا لا مظلة رسمية لها وهل يمكن أن تشكل لجنة محلية للإهتمام بشؤونها كما هناك لجنة لكرة الصالات وكرة الشاطئ ؟؟
سيمون الدويهي
حملنا هذه الأسئلة إلى رئيس لجنة كرة الصالات والكرة الشاطئية في الإتحاد اللبناني لكرة القدم سيمون الدويهي الذي قال بأن لعبة الميني فوتبول هي قديمة وتعود ربما لقبل وجود الإتحاد الدولي للفيفا، لأن أصل اللعبة هي هواية وبالتالي هي طبعا موجودة قبل لعبة الفوتسال.
يعتبر الدويهي أن المشكلة الرئيسية في لبنان أن أصحاب الملاعب الصغيرة التي تنشأ للميني فوتبول ليس لديهم أي فكرة عن لعبة الفوتسال، ويمكن لهذه الملاعب ولو بأرضية عشب صناعي أن يلعب عليها فوتسال مع تغيير في مقياس الكرة فقط، وأصلا اليوم أصبحنا نرى عددا لا بأس به من ملاعب الفوتسال أسوة بملاعب الميني فوتبول الشعبية وهذا يعني أن الفوتسال ستبدأ رويدا رويدا في الإنتشار مكان لعبة الميني فوتبول.
وأوضح الدويهي أن لجنة الفوتسال تعي هذا الأمر وبأن الميني فوتبول تأخذ حيزا شعبيا كبيرا لذلك بدأت اللجنة بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة تنظيم البطولات المدرسية ونشر اللعبة في المدارس وتعليم النشئ ألا أفق احترافيا للميني فوتبول، بل هي فقط هواية وأن المستقبل هو للفوتسال.
وقد بدأ الجيل الجديد يتعرف الى لعبة الفوتسال وممارستها بدل الميني فوتبول، كما أن النقل التلفزيوني للعبة بدأ بنشرها وبتشجيع الناس على ممارستها فأصبحنا نجد في بعض الأماكن تلعب كرة القدم بقوانين الفوتسال على ملاعب الميني فوتبول، وهذا تقدم كبير بحد ذاته والنظرة بدأت تتغير لكنها بالطبع تحتاج لبعض الوقت.
لا يوجد لجنة بحس الدويهي لإدارة الميني فوتبول وتنظيمها لأنها لعبة غير معترف بها عالميا ولا قوانين خاصة رسمية فيها وهي لا تناسب الفيفا أبدا، خصوصا أن لديها لعبة بنفس المواصفات وهي الفوتسال فبالتالي لا مصلحة للفيفا باعتماد لعبتين بنفس قياس الملعب ونفس عدد اللاعبين.
لذلك ستبقى الميني فوتبول مجرد هواية وسيبقى ممارسوها لاعبون هواة مهما انتشرت اللعبة في لبنان وكثرت ملاعبها، خصوصا مع نجاح لعبة الفوتسال والتي عاجلا أم آجلا ودائما بحسب الدويهي، ستطغى على لعبة الميني فوتبول وهو ما نراه حاليا إذ أصبح لدينا دوري لفرق الشباب ودوري درجة ثانية، أي أن إطار اللعبة بدأ يتوسع وهو ما سيؤثر على لعبة الميني فوتبول، داعيا مسؤولي الملاعب الصغيرة إلى أخذ المبادرة ونشر لعبة الفوتسال لدى رواد هذه الملاعب اللاعبين الهواة، لأن مسؤولية تطوير اللعبة لا تقع فقط على إتحاد الكرة، بل أن الجميع يجب أن يوحد الجهود من أجل ذلك خصوصا أن اللاعبين الهواة لا يعلمون كثيرا عن لعبة الفوتسال لذلك لا يمارسونها كما يمارسون لعبة كرة القدم المنتشرة بشكل أكبر.
بسام الترك
تعتبر شركة "سبورت إيفازيون" من الشركات الرائدة في تنظيم دورات الميني فوتبول من دورات الشركات إلى دورات الهواة... لكن هذه المرة أعلنت عن تنظيمها لتصفيات لبنان المؤهلة إلى كأس العالم في الميني فوتبول. ولمعرفة المزيد عن هذه البطولة ومن هي الجهة العالمية المنظمة لها في ضوء ما ذكرناه عن عدم اعتراف الفيفا بلعبة الميني فوتبول، التقينا المدير التنفيذي للشركة بسام الترك الذي أخبرنا أن هذه البطولة تنظم للسنة الثانية على التوالي عبر شركة عالمية غير تابعة للفيفا في دبي، وأخذنا نحن حقوق تنظيم التصفيات في لبنان، وهي للاعبين فوق 16 عاما وتلعب بأربعة لاعبين وحارس مع لاعبين اثنين احتياط، على ملعب طوله 38 مترا وعرضه 19 مترا والفريق الفائز يفوز بسفرة مدفوعة التكاليف إلى تايلاند حيث ستقام بطولة العالم هناك.
وتستعين الشركة بحكام اتحاديين سابقين لأن الإتحاد اللبناني لكرة القدم لا يسمح لحكامه بالمشاركة في هكذا دورات، أما قوانين اللعبة فهي مثل كرة القدم وتقام المباريات من شوط واحد مدته 15 دقيقة.
يخبرنا الترك أن الإقبال على دورات الميني فوتبول التي تنظمها الشركة كبير للغاية منذ أن بدأت في هذا المجال منذ ثماني سنوات خصوصا دورة الشركات كاشفا أن اللاعبين المشاركين معظمهم من الهواة وهم أصلا لا يريدون الإحتراف إذ يفضلون بقاء اللعبة في إطارها الهاوي البعيد عن أي قيود إجبارية وإمضاءات وإلى ما هنالك. ولا يخفي الترك تمنياته بأن تبقى اللعبة في إطار الهواة وأن لا تدخل الأندية عالمها لأننا نرى كرة القدم والمشاكل التي تعاني منها ونحن نريد إبقاء الميني فوتبول بعيدة عن تلك الأجواء.
العديد من الأندية بحسب الترك ترسل كشافين لمتابعة مباريات الميني فوتبول لاكتشاف المواهب والإستفادة منها والفوز بتوقيعها من أجل ضمها لصفوفها، إذ تعتبر هذه اللعبة منبعا للعديد من النجوم الذين يلجأون لملاعب الميني فوتبول للكشف عن مواهبهم. كما كشف أن الشركة تخطط السنة القادمة لإقامة بطولة لبنان للفئات العمرية في الميني فوتبول كتشجيع للاعبين ذوي الأعمار الصغيرة للعب والكشف عن مهاراتهم أمام الجميع ودون أي قيود.
وأكد الترك أنه لا يمانع في استغلال ملاعب الميني فوتبول للفوتسال، مؤكدا أنه لو تم العمل على تحويل الميني فوتبول تدريجيا إلى الفوتسال فإن اللعبة ومن دون أي مبالغة ستصبح اللعبة الشعبية الأولى في لبنان، وستطغى على كرة القدم وكرة السلة لأن القاعدة الشعبية اي اللاعبين موجودة فإذا قارنا عدد ملاعب الميني فوتبول للهواة بعدد ملاعب كرة السلة للهواة أو ملاعب كرة القدم الكبيرة، نجد أن الكفة تميل وبشكل واضح للميني فوتبول وبالتالي البنى التحتية لهذه اللعبة موجود وما هو مطلوب فقط مزيد من الإهتمام لدمج الفوتسال بالميني فوتبول تدريجيا.
وختم الترك حديثه بأن شركة سبور إيفازيون ستظل تنظم دورات في هذه اللعبة لإضفاء جانب من المنافسة الرسمية بجانب التسلية ولا داعي لأن يكون اللاعب محترفا كي يشعر بلذة لعب كرة القدم وبحماسها وشغفها، داعيا الناس إلى تشجيع أولادهم للعب كرة القدم والرياضة بشكل عام فهي الوحيدة القادرة على إبعادهم عن كل موبقات المجتمع.
محمد المصري
محمد المصري يحرس مرمى فريق دار الهندسة، واحد لاعبي الميني فوتبول الذي يشارك في دورات. التقيناه وأخبرنا أنه يحب كرة القدم منذ صغره ويحب أن يمارسها دائما في أوقات فراغه، وهو منذ زمن يحب اللعب في مركز حراسة المرمى، واتجه إلى الميني فوتبول لأنها هواية ولا تجعله يرتبط بأي التزامات.
لا يخفي محمد رغبته في دخول عالم الفوتسال لكن للأسف لا يوجد أي اهتمام بأي موهبة ولحد الآن لم يره أحد من الفرق ويعرض عليه الإنضمام إلى صفوفه. كما أنه يخاف من جهة أخرى أن تأخذ الفوتسال من وقت عمله في غياب الإحتراف والمردود المالي الجيد من كرة القدم عكس ما يحصل في الخارج حيث يؤمن اللاعب مستقبله بفضل كرة القدم. يخبرنا محمد أن فريق دار الهندسة يتمرن مرتين في الأسبوع بعد عشر ساعات عمل لذلك الإرهاق يكون كبيرا. أما عن دوره كحارس مرمى، فإن الحراسة في الميني فوتبول أسهل بكثير من كرة القدم فالمرمى صغير وإذا كنت تتمتع بردة فعل سريعة فأنت تستطيع منع الكثير من التسديدات بما فيها الكرات الإنفرادية بعكس مرمى كرة القدم الذي يحتاج إلى مجهود أكبر وليونة أعلى.
ويعتبر أن اللعب في دورات منظمة يشجع اللاعب الهاوي على تقديم أفضل ما لديه وعلى المحافظة على جسمه بعيدا عن الآفات المضرة خصوصا التدخين كي يبقى في أكمل جهوزيته ما يضفي مزيدا من الجدية على لعبة الميني فوتبول.
عفيف الخطيب
ماذا يشعر فعلاً اللاعب الهاوي عند ممارستة الميني فوتبول؟ عفيف الخطيب، الذي بدأ اللعبة منذ أن كان في عمر السابعة يخبرنا عن ذلك، ويقول انه كيف كان يذهب مع خاله ليلعب كرة القدم على الملاعب الشعبية في قصقص حيث بدأ يتعلق باللعبة أكثر فأكثر.
ويضيف: هي هواية لا أكثر ولم أفكر يوما باللعب لنادي لأنني لا أحب الإلتزام بل أفضل اللعب حسب ما يسمح لي وقتي وبجانب من التسلية والمزح والضحك دون التقيد بقوانين صارمة، فأخرج متى أشاء، أرتاح إذا تعبت وأرد على هاتفي إذ رن، في الميني فوتبول كل هذه الأمور مسموحة بعكس الفوتسال المنظمة أو كرة القدم التي لها قوانينها، هدفي هو التسلية وممارسة لعبتي المفضلة دون أي تعقيدات أخرى.
كما أني أسعى إلى أن أحافظ على لياقتي عبر ممارسة هذه اللعبة ونحن كهواة نلجأ للميني فوتبول لأن لا لياقة لنا تكفي لأن نلعب مباراة على ملعب كبير إذ سنتعب من الجري بعد أول عشر دقائق، فنلجأ إلى الميني فوتبول والتي نستطيع أن نمارس فيها لعبتنا المفضلة بالشكل الذي يناسبنا ويناسب مستوانا الهاوي. لا يظن الخطيب أن التحول إلى الفوتسال سيجذبه إذ ان قوانينها معقدة وهي تلعب بكرة بحجم أصغر ونحن لسنا معتادون على ذلك أبدا، وهذا ربما يأخذ وقتا كي ندخل الأجواء الجديدة لذلك البقاء في الميني فوتبول ببساطتها ربما يكون الخيار الأفضل.
في الختام، تشكل لعبة الميني فوتبول ملجا للكثير من الشباب الذين لا يريدون إلا ممارسة هوايتهم المفضلة في جو من التسلية والمرح لكن أيضا يجب استغلال كثرة وجود ملاعب الميني فوتبول والمواهب الكثيرة التي تلعب من أجل تطوير اللعبة ولم لا تنظيمها ودمجها مع لعبة الفوتسال، وهذا بلا شك سيترك آثارا إيجابية على اللعبة بشكل عام نظرا لكمية المواهب الكبيرة التي تنتشر على ملاعب الميني الفوتبول.
احمد علاء الدين