تعتبر الجامعات ملتقى للشباب للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم الثقافية، الرياضية والفنية إلى جانب رغبتهم في متابعة تحصيلهم العلمي. وإحدى أهم هذه التطلعات هي ممارسة الألعاب الرياضية على أنواعها والتي دائما ما تجذب إليها الكثير من الشباب. ولقد دأبت الجامعات اللبنانية على امتداد مساحة الوطن على الإهتمام بالرياضة في مختلف ألعابها فلا تكاد تخلو جامعة من مجمع رياضي وقسم خاص بالرياضة ينظم الأمور الرياضية في الجامعة. لدى لبنان اتحاد رياضي خاص بالجامعات يرأسه نصري نصري لحود وهو عضو مؤسس في الإتحاد الدولي الرياضي للجامعات ويشرف على الرياضة الجامعية. كما يوجد دوري منتظم أو ما يسمى بالـ " يونيليغ " في كثير من الالعاب الجماعية والفردية.
في هذا التحقيق سنحاول تسليط الضوء على الرياضة الجامعية في لبنان، من واقع وحاضر ومستقبل، إضافة غلى التعرف على أبرز النشاطات والحديث عن أهم المشاكل التي تعترض طريقها والبحث عن كيفية تطوير الرياضة الجامعية.
الجامعة اللبنانية
تعتبر الجامعة اللبنانية جامعة الوطن وهي تضم طلابا من مختلف الإنتماءات المناطقية وتصنف الرياضة فيها على أنها مجال للإلتقاء بين أبناء الشعب الواحد. وللحديث أكثر عن واقع وشؤون الرياضة في الجامعة اللبنانية، كان لا بد من حديث مع مسؤول الرياضة في الجامعة اللبنانية، نائب رئيس الإتحاد اللبناني للجامعات والعضو المنتخب حديثا في اتحاد الجامعات العربي نديم زين الدين.
قبل الدخول في أمور الجامعة اللبنانية، سألنا زين الدين بصفته نائب رئيس الإتحاد اللبناني للجامعات عن العمل الذي يقوم به الإتحاد فأجاب: ينظم الإتحاد بطولات في كافة الجامعات اللبنانية المنتشرة فوق الاراضي اللبنانية. مشكلتنا الأساسية هي عدم وجود لجان منظمة كافية ونحن بصدد تأليف عدد أكبر لتغطية كافة النشاطات، أنا أعترف بأنه هناك تقصير ما في هذه الناحية إذ أن طموحنا هو ان نكون الرقم واحد عربيا في الرياضة الجامعية وهذا سيتحقق إنما نحتاج لوقت أكثر خاصة مع توجهنا لرفع عدد أعضاء الإتحاد من سبعة إلى ثلاثة عشرة عضوا، وأنا أعد أن مجد الرياضة الجامعية سيعود.
بالعودة إلى الجامعة اللبنانية، يرى زين الدين أن الجامعة فعالة جدا ومنتخباتها تعد من الأقوى، اذ تحرز دوريا العديد من البطولات الجامعية وهذا يعود إلى التجهيزات القوية عندنا خاصة على صعيد المنشآت والدعم الكبير من رئيس الجامعة عدنان السيد حسين.
واضاف: لدينا فرق في كافة الألعاب الإتحادية وفرقنا تسافر سنويا إلى الخارج، ولو انه لا أمل بالمنافسة هناك إذ عندما تشارك جامعات أميركية وأوروبية وروسية، لا يكون هناك أمل بالفوز لأي جامعة من بلد عربي، لذلك هدفنا من المشاركة الخارجية هو اكتساب الخبرة والإحتكاك من اجل النضوج أكثر، مع الإشارة إلى أننا نركز في مشاركتنا الخارجية على الالعاب الفردية أكثر منها الجماعية لأن تحقيق النتائج فيها اسهل.
وكشف أن وزارة الشباب والرياضة طلبت تأسيس ناد يشارك في البطولات الإتحادية لكننا بصراحة أجلنا الفكرة بسبب التكلفة المادية الكبيرة لهكذا مشروع، فموازنتنا حوالي خمسين مليون ليرة وأي ناد يحتاج لنصف مليون دولار كموازنة وهذا ليس ضمن امكاناتنا فهناك رسوم للإشتراك، أجور ملاعب وحكام، وإلى ما هنالك.
واكد أن طموحاتنا كبيرة على صعيد الجامعة خاصة في ظل امتلاكنا لمدربين وأساتذة على مستوى عال لكن وضع البلد وبكل صراحة هو ما يعوقنا. فالإمكانات البشرية موجودة وهي من الأهم في المنطقة لكن العنصر المادي هو أم المشاكل بالنسبة لنا.
الرياضة بحسب زين الدين هي الوسيلة الوحيدة لتوحيد المجتمع اذ تقرب الناس من بعضها البعض وتزرع الروح الرياضية وهذا هو هدفنا الأساس كجامعة لبنانية قبل موضوع الربح والخسارة، إضافة إلى أن الرياضة هي وسيلة لتشجيع القطاع السياحي وهي بمثابة توفير لسعر الدواء على الدولة فمعظم من يمارسون الرياضة يكونون ذو صحة سليمة.
ودعا الدولة إلى الإستثمار في الرياضة الجامعية وإعطاء دعم أكبر لهذه الرياضة مع زيادة في رواتب المعلمين الرياضيين مع إقامة مهرجانات في كافة المناطق اللبنانية من أجل تشجيع الناس على ممارسة الرياضة مع بناء منشآت رياضية جديدة وهذا كله سينعكس إيجابا على المجتمع وعلى الرياضة الجامعية واللبنانية ككل.
جامعة القديس يوسف
في لبنان حوالي خمسة وأربعون جامعة تتوزع في كافة المحافظات اللبنانية وتمارس في جميع هذه الجامعات النشاطات الرياضية لكنها بالطبع تختلف من جامعة لأخرى حسب إمكانات الجامعة المادية، والمنشآت الرياضية التي تمتلكها إضافة إلى مدى رغبة إدارة الجامعة أصلا في دعم الرياضة الجامعية.
تعتبر جامعة القديس يوسف من أبرز الجامعات الخاصة في لبنان على صعيد النشاطات الرياضية وهي تعدت حد المشاركة في البطولات الجامعية بل وصلت إلى حد المشاركة في بعض البطولات الرسمية التي تنظمها الإتحادات الوطنية. من هنا كان لا بد من لقاء مع مارون الخوري مسؤول القسم الرياضي في الجامعة والذي بدأ حديثه بإخبارنا بأن الواقع الرياضي في الجامعة يسير بتطور مستمر مع تطلعات للأمام دائما، وكل خطوة نأخذها بتأن بعد دراسة حتى لا نشارك على أساس ضعيف، أو نبني إنجازات من كرتون، وأستطيع أن اقول بأن طموحنا هو أكبر من الرياضة الجامعية ونطمح لأن نؤسس ناد رياضي نجمع فيه جميع الخريجين.
تنقسم الرياضة حسب خوري في الجامعة إلى ثلاثة اقسام: قسم لجميع الطلاب من أجل ممارسة الرياضة والتسلية، قسم للمباريات بين الكليات والقسم الثالث هو للمنتخبات التي تمثل الجامعة على صعيد الوطن.
ويرى أنه قبل ال2006 لم يكن هناك تنظيم للحركة الرياضية في الجامعة ولا في الجامعات اللبنانية بشكل عام فلم يكن هناك بطولات ولا ثياب خاصة ولا مدربين ولا أي شيئ من هذا القبيل، كانت الجامعة الأميركية هي الأنشط، لكن بعد ال2006 أصبحت كل الجامعات تهتم بالرياضة واستطاعت القيام بتقلة نوعية في هذا المجال. وفيما خص دور اتحاد الجامعات، يعتبر أنه حاضر وغائب بنفس الوقت. ومن هنا نحن كجامعات أخذنا القرار وأسسنا مع خمس جامعات اخرى دوري خاص للجامعات وحاليا أصبحنا 11 جامعة نشارك في 14 لعبة ويقام الدوري من شهر تشرين الاول إلى شهر أيار بنظام الذهاب والعودة.
وعن الخطوة التي قامت بها الجامعة بتشكيل نواد تشارك في بطولات رسمية خارج الحياة الجامعية يقول خوري:كان لدينا الكثير من الخريجين والطلاب الذين يلعبون مع أندية خارج الجامعة ورأينا أن معظمهم غير سعيد فقلنا لماذا لا نقوم بإنشاء ناد خاص بنا يشارك في البطولات الإتحادية؟ فأسسنا ناديا وقمنا بتطبيق فكرة الناديين، أي ناد يضم لاعبي النخبة ونشارك به في البطولات الرسمية الإتحادية، وناد رديف يشارك في البطولات الجامعية. وبما أننا في صدد التأسيس بعد، ستشهد الفترة المقبلة تراجعا في نتائجنا الجامعية لكنها ستكون مؤقتة ريثما نؤسس من جديد. تشارك الجامعة اليسوعية في دوري الصالات سيدات ورجال، كما في لعبة كرة الطائرة سيدات ورجال، بينما يشارك فريق السيدات في دوري كرة السلة وأخذنا حاليا رخصة للمشاركة في بطولات إتحادات كرة الطاولة، كرة اليد، السباحة، التنس، سلاح الشيش والبادمنتون كما نسعى لنيل رخصة في ألعاب القوى.
لا يوجد أي مشكلة فيما خص الميزانية برأي خوري فإدارة الجامعة داعمة للرياضة من دون حدود، وهي لديها ثقة عمياء بالقسم الرياضي في الجامعة الذي تطور كثيرا ونحن ملتزمون بهيكلية الجامعة وسنحاول الوصول إلى القممة بمجودات فردية منا ومن خريجينا. نحن نسعى لبناء رياضة مؤسساتية وليس رياضة تقوم على متمول يمول لسنة أو اثنتين ثم يذهب وكل شيئ يتدمر من بعده، لذلك نحن نركز على كل خطوة نقوم بها وخريجينا يدعموننا في هذا المجال ويقومون بجلب رعاة.
فمثلا أجنبيا الفوتسال لم ندفع من جيبنا أي مبلغ لهما، بل كانا على عاتق رعاة الفريق، وفي المقابل نحن نقوم بخدمات لخريجينا كتوفير صالة الرياضة والمسبح فتصبح المنفعة متبادلة.
على صعيد المشاركات الدولية، تسافر فرق الجامعة أكثر من تسع مرات في السنة، ما يوفر احتكاكا دوليا على أعلى مستوى ويطور كثيرا من مستوى فرقنا. ويبدي ارتياحه على صعيد تأمين الرعاة فنحن اليوم لدينا رعاة كثر وهذا عائد إلى أن رعاتنا ايضا يستفيدون منا وهذا ما شجعهم على المجيئ لدعم الرياضة في الجامعة. قبل أربعة عشر سنة لم يكن لدى الجامعة اليسوعية سوى ملعب مكشوف أما اليوم وبعد خطة وضعت عام 2004، أصبح لدينا مجمعات رياضية خاصة بنا مع ملاعب فوتسال وكرة سلة ومدرج يتسع لخمسمئة شخص في المنصورية إضافة إلى ملعب آخر للفوتسال في المتحف. ما ينقص الجامعة فقط هو ملعب خاص بها في كرة القدم، وهذا يحتاج لأرض كبيرة ولا أخفي أن الإيمان بكرة القدم في الجامعة ليس كبيرا لأن تطورها بطيئ والفوتسال أفضل بكثير.
ويضيف أن الجامعة تنظم سنويا ومنذ عام 2010 مهرجان بيروت العالمي للرياضة بمشاركة أكثر من عشر جامعات دولية، وفي آذار من هذا العام ستنظم النسخة السابعة بمشاركة جامعات من صربيا، سلوفينيا، ألمانيا ولبنان مع أكثر من ألف طالب مشارك رغم كل الظروف التي تحيط بالبلد، ومع أن الوضع غير المستقر في سوريا أثر علينا إلا أننا ما زلنا ننظم المهرجان كل عام، وهو أصبح في روزنامة البطولات الجامعية الدولية.
الجامعة اللبنانية- الاميركية
جامعة أخرى تعتبر من الجامعات المميزة على صعيد الرياضة الجامعية، هي الجامعة اللبنانية الأميركية. ولمعرفة المزيد عن انشطتها توجهنا الى المسؤوال الرياضي في الجامعة المدرب جو مجاعص الذي بدأ حديثه بالقول ان الواقع الرياضي في الجامعة سليم، ونحن نشارك في عدة دورات جامعية وكذلك قمنا بتنظيم " اليونيليغ " بمشاركة عدد كبير من الجامعات اللبنانية إضافة إلى زيارات دورية لجامعات أخرى والمشاركة في العديد من البطولات الودية. كما تنظم الجامعة بطولاتها السنوية من أول شهر تشرين الثاني حتى شهر نيسان ولديها فرق في ثلاث عشرة لعبة مختلفة وروزنامتها دائما ما تكون مليئة بالنشاطات والبطولات.
مؤخرا احرزت الجامعة بطولة الجامعات لكرة القدم وفرقنا من أهم الفرق في كرة السلة، كرة الطائرة، السباحة والتنس فكل جامعة لديها ميزات في لعبات محددة بحسب نوعية طلابها. كما نشارك في بطولات اتحاد الجامعات عدا عن سفرنا المتكرر سنويا إلى الخارج ومشاركتنا في دورات عديدة أوروبيا من اجل الإرتقاء بمستوانا.
وهو يبدي رضاه عن الميزانية المخصصة للقسم الرياضي من قبل إدارة الجامعة، وهي في صدد زيادتها، كما نمنح تلاميذنا منحا رياضية ما يشجعهم أكثر ويدعمهم في ظل لظروف المادية الصعبة. والآن لدينا مشروع لتكبير المنشآت الرياضية في الجامعة لذلك أستطيع القول أن اهتمام ادارة الجامعة بالرياضة كبير وكبير جدا.
بحسب مجاعص، ما زالت الرياضة الجامعية في لبنان ضعيفة وبعيدة جدا عن مستوى الجامعات الأوروبية. وهذا يحتاج لتغيير سياسة إدارة الرياضة الجامعية، علينا تنظيم بطولات اقوى ووضع روزنامة موحدة لجميع الجامعات من اجل مشاركة أكبر عدد ممكن من الفرق الجامعية، والأهم ان لا تتضارب مواعيد بطولة الجامعات مع البطولات الرسمية الإتحادية من أجل عدم خسارة اللاعبين المحترفين في الدوريات من تمثيل فرق الجامعة.ولتفادي هذه المشكلة، نعطي لاعبينا المحترفين روزنامة بطولات الجامعة قبل شهور من اجل التنسيق بين المواعيد وفي حال لمسنا تلكؤا من قبل اللاعب المحترف نقوم إما بزيادة منحته من اجل تشجيعه أكثر أو تخفيضها إن لم نكن نستفيد من خدماته، الأمر يعود للاعب المحترف نفسه لكننا نقوم بكل ما في وسعنا من أجل مساعدته في موضوع روزنامة البطولات وتنسيق المواعيد.
يعتبر مجاعص أن الفرق الجامعية تعاني من نقطة مهمة وهي التغييرات السنوية في اللاعبين، فبعض لاعبي الفريق يتركوا النادي عند انتهاء دراستهم الجامعية وهذا أمر طبيعي، لكنه فنيا يضر بالفريق بشكل كبير، من هنا قوة فريقك تكمن في نجاحك بالتخطيط الفني ليس لثلاث سنوات فقط بل لثماني سنوات لتأمين أكبر استقرار ممكن للفريق وهذا يكون في مراقبة المواهب في المدرسة وتشجيعهم على الإنتساب للجامعة بعد نهاية فترة دراستهم الثانوية، ونحن ننقوم دائما بدورات مدرسية من اجل مراقبة اللاعبين الموهوبين وهذا يضمن لنا استقرار فرقنا فنيا. يستبعد مجاعص في الوقت الحالي تأسيس نادي يمثل الجامعة في البطولات الرسمية الإتحادية، لكن الفكرة مطروحة ومؤجلة بنفس الوقت ريثما ننتهي من مشروع تكبير منشآتنا وحين نملك منشآت خاصة بنا، بالطبع سنصبح في وضع افضل وسنأخذ هكذا خطوة.
الهدف الاساسي من الرياضة هو الإختلاط والفرح والتسلية وهذه أمور أهم قبل الفوز والخسارة خاصة في جامعاتنا اللبنانية، هي ثقافة تقبل الخسارة وعدم الإستفزاز بعد الفوز، ثقافة الروح الرياضية التي لا تقل شأنا عن مفهوم الوحدة الوطنية، دون أن ننسى دورها في جذب الجيل الشاب للرياضة وإبعاده عن كافة العادات السيئة والامور المشينة. كل هذه الأشياء تقوم بها وتنميها الرياضة الجامعية. من هنا يجب علينا جميعا العمل من اجل تفعيل الرياضة الجامعية اكثر فأكثر، من خلال دعمها ماديا لتحقيق أكثر من هدف في آن معا، خلق مجتمع سليم وخال من الشوائب الصحية والفكرية يعرف شبابه معنى الروح الرياضية وقيمة الرياضة، إضافة إلى تحسين مستوى الرياضة اللبنانية ككل وإبراز وجه لبنان الحضاري عبر جامعاته ورياضته وشبابه.
احمد علاء الدين