نجح المنتخب اللبناني في تحقيق لقب بطولة غرب آسيا التي أقيمت مؤخرا في الأردن عن جدارة واستحقاق على الرغم من قصر فترة التحضير عكست قيمة كرة السلة اللبنانية والمجهود الهائل الذي بذله الإتحاد اللبناني للعبة مع الجهاز الفني واللاعبين من أجل الظهور مجددا وبقوة على الصعيد الخارجي فترجم هذا المجهود بالعودة إلى بيروت بكأس البطولة.

وبعيدا عن العواطف والمشاعر الوطنية التي ملأت قلب كل لبناني خلال البطولة، ينظر كل محب لكرة السلة اللبنانية بعين مليئة من التفاؤل وعين أخرى يشوبها الحذر مع السؤال الذي يطرح دائما، ماذا بعد ؟ وإذا ما أردنا " فلفشة " أوراق المشاركة اللبنانية في غرب آسيا، يمكن ملاحظة الكثير من النقاط الإيجابية للمنتخب بجانب تسليط الضوء على بعض النقاط الأخرى، ليس من باب المزايدة، بل من باب الحرص على استمرار مسيرة المنتخب الناجحة.

أولى إيجابيات المشاركة كانت التأكيد مجددا على أن فادي الخطيب كان وما زال بيضة القبان في أي إنجاز للمنتخب الوطني، فعدا عن أنه هداف من الطراز النادر، أثبت الخطيب أن العمر هو مجرد أرقام على ورق من خلال أداءه العالي ودوره القيادي داخل وخارج الملعب. هذا دون أن ننسى إعادة الثنائي علي حيدر ووائل عرقجي إثبات أنهما قادران على أن يكونا أحد حاملي لواء المنتخب الوطني في المستقبل من خلال ما قدماه على مدار مباريات البطولة. لكن الإيجابية الأهم على صعيد اللاعبين، كان الأداء الباهر الذي قدمه علي مزهر وهو لم يحتج إلا لبضع دقائق في البطولة للتأكيد أنه صانع العاب مميز وحاجة للمنتخب الوطني، وبالفعل، رب ضارة نافعة عندما التحق مزهر بالمنتخب عقب إصابة رودريغ عقل ليأخذ فرصته ويثبت نفسه في المنتخب.

الأمر الثاني كان نجاح المدرب جو مجاعص في فترة زمنية قصيرة للغاية من الظهور بمنتخب قوي ذات شخصية صلبة ويلعب بقلب واحد مع روح معنوية عالية وإصرار على الفوز، وهو استطاع الرد على جميع المشككين بقدرته على قيادة منتخب لبنان وما الأمور التكتيكية التي قام بها وتحديدا في مباراة إيران بعد دخول فادي الخطيب في مشكلة الأخطاء إلى جانب الأداء الدفاعي المميز إلا دليل على أن مجاعص كان الرجل المناسب لهذه المرحلة ما سيرفع من أسهمه بالطبع في إكمال مشواره مع المنتخب خلال بطولة آسيا الصيف المقبل.

كما أكدت المشاركة مجددا أن الدوري اللبناني هو الأقوى في غرب آسيا وتحديدا من الدوري الإيراني وأن مستوى اللاعبين اللبنانيين مميز للغاية والجيل القادم لكرة السلة يفوق ومن دون أي شك الجيل الإيراني الحالي، والدليل ظهور معظم لاعبي المنتخب بكامل جهوزيتهم الفنية والبدنية والسبب هو أنهم كانوا يخوضون بطولة قوية على أعلى مستوى.

في الجانب الآخر، يجب عدم إعطاء إحراز لقب بطولة غرب آسيا أكثر من حجمه، خاصة أن مستوى منتخبات غرب آسيا انخفض كثيرا، فلا سوريا هي نفس سوريا عام 1999 و2001 وإيران لم تعد تملك ذاك الجيل الذهبي، كما أن الأردن تراجعت كثيرا في السنوات الماضية ومنتخبا العراق وفلسطين منتخبان متواضعان فنيا. هذا لا ينقص قيمة الإنجاز طبعا، لكن ما أود قوله هو أننا لا يجب أن نفرط في التفاؤل كما يجب أن ندرك بأن مستوى بطولة آسيا سيكون مختلفا تماما وأصعب بكثير. كما يجب أن تتم الإشارة إلى موضوع اللاعب المجنس، فآتور ماجوك لم يقدم المستوى المطلوب منه، رغم أنه دفاعيا كان جيدا، حيث أعطى المنتخب حجما دفاعيا تحت السلة لكنه لم يكن حاسما في موضوع المتابعات الدفاعية، دون ان ننسى عدم تقديمه للمستوى الهجومي المطلوب منه والمنتخب بلا شك يستطيع الحصول على لاعب ارتكاز افضل منه او في حال مجيئ جوليان خزوع يمكن البحث في أجنبي يلعب في غير مركز الإرتكاز.

يبقى في النهاية التأكيد على أن ما حققه المنتخب اللبناني في غرب آسيا وبالظروف التي أحاطت بالمنتخب، كان خطوة أولى هامة في طريق طويل نحو استعادة أمجاد المنتخب الوطني وإعادة فرض نفسه على الصعيدين الأسيوي والدولي خاصة أن كرة السلة اللبنانية تمتلك قاعدة صلبة للنجاح بوجود جيل ذهبي شاب قادر على حمل مشعل كرة السلة اللبنانية ورفعه عاليا.

أحمد علاء الدين