تعتبر لعبة كرة الطاولة في لبنان من أقدم الرياضات التي انتشرت في لبنان مع كرة القدم وكرة السلة حيث أتت مع الإرساليات الأجنبية أوائل القرن الماضي وهي من أكثر الرياضات الفردية انتشارا على الأراضي اللبنانية وتعتبر لعبة ناشطة ويمارسها لاعبون من مختلف الفئات والأعمار. تم تنظيم أول بطولة رسمية عام 1935 ومرت اللعبة بعدها بمراحل كثيرة حيث كانت منضوية تحت لواء إتحاد التنس قبل أن تنفصل عنه عام 1952 وفي 18-2-1964 تم تأسيس أو إتحاد لبناني مستقل للعبة. يوجد في لبنان الكثير من الأندية الفاعلة والمرخصة التي تنضوي تحت لواء إتحاد اللعبة.
صحيفة السبورت الإلكترونية أحبت من خلال هذا التحقيق الإضاءة أكثر على هذه اللعبة ومعرفة واقعها وأبرز همومها والمشاكل التي تواجهها.
البداية كانت مع رئيس الإتحاد اللبناني للعبة سليم الحاج نقولا الذي وصف المستوى الفني للعبة في لبنان بالجيد وهو يبشر بالخير حيث شارك لبنان في دورتي الألعاب الاولمبية 2012 لندن و2016 ريو دي جانيرو عبر التصنيف الفني وليس بالكوتا كما أن لبنان هو بطل غرب آسيا للسيدات كما أنه المصنف السادس عربيا عند الرجال والأمور إلى تحسن في الفترة القادمة بلا شك رغم أنه هناك بلدان عربية كمصر وقطر تفوقنا بالإمكانات البشرية والمادية فقطر مثلا تجنس الكثير من المواهب حتى أن الأردن مثلا ميزانية إتحادها نصف مليون دولار أما لبنان فهو بالكاد تصل الميزانية لمئة ألف دولار.
الوضع المادي للإتحاد صعب فالمشاركات الخارجية تكلف الكثير من الأموال وإنتاج الإتحاد المادي ضئيل بجانب أن مساعدة الدولة صغيرة والكل يعرف الوضع الإقتصادي للبلد، الميزانية يتم تأمينها عبر إشتراكات الأندية، مساعدة وزارة الشباب والرياضة إضافة إلى بعض الرعاة والجيب الخاص ورغم أن الميزانية السنوية لا تتعدى المئة ألف دولار لكن هناك بالفعل صعوبة في تأمينها. أما عن عوائق تطور اللعبة في لبنان فهي فقط مادية بحسب الحاج نقولا فاللاعب اليوم يتعلم في المدرسة أو الجامعة ومن دافع حبه للعبة يبقى يمارسها ويواظب على التمارين لكن ليس مقابل أي بدل مادي وبالتالي عملية التطوير تكون صعبة ولو أن هناك اموال كافية لكان من الممكن استقدام مدربين من الخارج وإقامة معسكرات أكثر فالمواهب موجودة لكن ليس مؤمن لها الدعم المادي ولو تم ذلك لحصل الفرق في اللعبة خلال أشهر ولرأينا الإنجازات الخارجية تزيد.
الحاج نقولا كشف بأن الإتحاد بدأ يجهز فريق السيدات للمشاركة في كأس العالم في السويد نيسان المقبل فيما لم يتأهل منتخب الرجال بفارق نقطة واحدة والأمل بأن تكون مشاركة منتخب السيدات مميزة نظرا لأن الفريق يضم الكثير من اللاعبات المتميزات.
وأضاف الحاج نقولا بأنه سيبقى داعما للاعبين ودعاهم إلى عدم اليأس فالأمل بأن تتحسن الأمور نحو الأفضل دائما موجود، فكل الإتحادات اللبنانية تعاني والوضع صعب على الجميع لكن عليهما أن لا يتوقفوا ويستمروا فهم العصب الأساس للعبة، وهو لا يريد أن يعدهم بأشياء ليس بمقدور الإتحاد تأمينها لكنه سيبقى إلى جانبهم بكل الإمكانات المتاحة له وسيبذل كل ما باستطاعته من أجل دعمهم ومساعدتهم للوصول إلى الأفضل.
هو بطل لبنان لسنوات عديدة، حاز على التصنيف 360 على مستوى العالم وحقق بطولة العرب لثلاث مرات ووصل أيضا إلى نهائي بطولة غرب آسيا، الحديث هنا عن اللاعب والمدرب محمد الهبش الذي عاد إلى نادي الأهلي صيدا بعدما قضى 15 سنة مع النادي الرياضي بيروت.
يضم النادي الأهلي حاليا المصنف رقم 4 بين النوادي اللبناني إضافة إلى محمد، مصطفى، سعد ومحمد نور الهبش، عدنان الهبش ونور الهبش، باسم البابا ومصطفى الشماس منقسمين إلى فريقين، الأول للكبار والثاني للناشئين ما يعني بأن عائلة هبش هي عائلة رياضية بامتياز دون نسيان إبنتا محمد مريم وياسمينة، مريم صاحبة ال12 عاما وياسمينة صاحبة 8 سنوات ويشرف على النادي المدرب القدير عبد الكريم النعماني الذي يعتبر الهبش بأن له فضلا شخصيا عليه وعلى لعبة كرة الطاولة في لبنان ككل.
ويرى الهبش بأن اللاعبين الصغار هم مستقبل النادي ومستقبل اللعبة في لبنان والنادي يضم الكثير من الناشئين الواعدين فابنته الصغرى ياسمينة هي بطلة لبنان في فئتها العمرية أما ابنته لكبرى مريم فهي بطلة لبنان للناشئات وبطلة غرب آسيا وتأهلت إلى كأس العالم في نيسان المقبل بالسويد ومؤخرا أحرزت بطولة الBonus 2 التي نظمها الإتحاد اللبناني للعبة حيث تفوقت في مفاجأة كبيرة على لاعبات يتفوقن عليها من ناحية العمر والخبرة ما يعكس المستوى المميز لمريم الهبش التي تدافع عن صفوف نادي الندوة القماطية لكنها تتمرن أيضا مع نادي الأهلي صيدا.
وكشف الهبش بأن الدعم الذي يتلقاه النادي يكون عبر رئيسه أحمد الحريري بجانب دعم من الحاج أحمد بقاعي الراعي الرسمي لفريق كرة الطاولة ورجل الأعمال وسام حجازي صاحب شركة ستونش، شركة Mazen PC services، بلدية صيدا وبعض الرعاة الآخرين. الوضع المادي بشكل عام في اللعبة كما وضع البلد وهذا عائق كبير في وجه المشاركات الخارجية وإقامة المعسكرات خاصة أن اللعبة حاليا أصبحت مكلفة أكثر.
أما عن إتحاد اللعبة، فيرى الهبش بأن الإتحاد يقوم بعمل جيد للغاية فينظم البطولات بشكل دوري كما أن الأندية بدورها تنظم بطولات ودية لكن الأمر الغير موجود هو إقامة المعسكرات الخارجية والمشاركة في الدورات، ربما وضع الإتحاد المادي لا يسمح بذلك لكن اللعبة لن تتطور إلا بالإحتكاك الخارجي والسفر فلبنان يضم كادر تدريبي مميز فبجانب وجودي أنا، يقول الهبش هناك جوزيف شلهوب وهما عاصرا أربع اتحادات ما يعني أنهما يملكان خبرة تدريبية كبيرة ولا حاجة برأي الهبش لاستقدام مدربين أجانب.
الدول العربية لديها ميزانيات كبيرة لكن لبنان لا يستطيع المشاركة خارجيا لأسباب مادية حتى أنه أي الهبش كان قد تقدم بطلب للسفر على حسابه الخاص مع بعثة منتخب السيدات المشاركة في كأس العالم والتي تشارك ضمن صفوفه ابنته مريم لكن طلبه تم رفضه. من قبل كان لبنان يشارك عدة مرات في السنة ببطولات خارجية لكن الآن الأمر أصبح نادرا. هناك في الكثير من الفرق لاعبين ولاعبات يمكنهم تحقيق نتائج مميزة خارجيا لكن ينقصهم الدعم المادي ومجهود الأندية الشخصي لا يمكن أن يف بالغرض لوحده فدور الإتحاد مهم ومن وراءه الدولة اللبنانية في تنظيم معسكؤات خارجية دورية كل شهرين على الأقل لتطوير المستوى وهو مثلا جعل أولاده تشارك في معسكر بمصر على نفقته الخاص كما أكد الهبش بان دعم الأهل لموهبة أولادهم أمر ضروري للغاية سوء ماديا أو معنويا لأن اللعبة تتطلب تمرينا يوميا.
مشروع بطل أولمبي
الهبش أراد من خلال حديثه الإضاءة على موهبة إبنته مريم بطلة لبنان والعرب وإبن أخيه سعد بطل غرب آسيا للناشئين إذ أكد بأنهما ومن خلال ما حققوه حتى الآن من بطولات محلية وخارجية قادرين على الوصول بعيدا في هذه اللعبة لكن عملية التطوير يجب أن تكون في الخارج وهذا يتطلب دعما متمنيا على الشركات الكبيرة دعم تلك المواهب خاصة شركة أوجيرو التي يعمل بها الهبش بشخص مديرها العام الأستاذ عماد كريديةداعيا إتحاد اللعبة إلى تسخير علاقاته مع الإتحادات العربية والإتحاد الدولي لتأمين معسكرات للأبطال الناشئين من أجل تطوير مستواهم الفني أكثر وأكثر كي يصلوا إلى مرحلة يكونوا فيها قادرين على مقارعة الأبطال العالميين لأنهم يملكون الموهبة وحب اللعب وجل ما ينقصهم فقط هو الدعم المادي من هنا يجب على الشركات دعم المواهب الصغيرة بمعسكرات خارجية خاصة لأنها هي التي تطور مستوى اللاعب.
رشيد البوبو
يعتبر البوبو من الأسماء اللامعة في سماء اللعبة خلال السنين الماضية حيث أحرز العديد من الإنجازات المحلية والخارجية منها بطولة لبنان ل11 سنة وهو رقم قياسي. يقيم البوبو صاحب ال37 عاما حاليا في الولايات المتحدة الأميركية حيث أخذ الإقامة منذ سنة ونصف وهذا تطلب منه السفر لمدة ثلاث سنوات إلى هناك كي يحصل على الجنسية الأميركية لكنه بقي يتابع اللعبة ويمارسها هناك حيث يلعب في نادي من أهم الأندية في شمال كارولينا وإسمه Triangle table tennis academy. انضم البوبو للنادي بعدما شارك في بطولة الولاية هناك وفاز بها ما دفع إدارة النادي للتوقيع معه وتسليمه مهام تدريبية أيضا داخل النادي. ولم يحسم بعد البوبو خيار العودة بعد نيله الجنسية من عدمه لكنه يعتبر أن نمط الحياة في الولايات المتحدة مهتلف وهو أفضل بكثير من لبنان خاصة أن عائلته هناك وبالتالي الموضوع يحتاج لمزيد من الدراسة لكنه على تواصل دائم مع الإتحاد حيث ما زال يمثل المنتخب الوطني وهو يلعب لنادي الفادي الأقدس في البطولات المحلية وكان مؤخرا في شهر تشرين الثاني قد أحرز لقب بطولة لبنان على الصعيد الفردي وعلى صعيد النوادي.
وعن الفارق بين اللعبة بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية، قال البوبو بأنه هناك اللعبة هي دراسة إن من ناحية التدريب، الإدارة واللعب مع امتحانات نظرية وخطية وعملية، اللعبة في الولايات المتحدة ليست ذو نظام احترافي مثل أوروبا وهي قريبة من الواقع في لبنان كهواية لكنها أفضل أيضا على صعيد التجهيزات والأهم بأن الرجل المناسب في المكان المناسب ولا وجود للواسطة والمسؤولين عن اللعبة كلهم أولادها ويعرفون تفاصيلها المملة دون نسيان الإستقرار المادي والأمني والنفسي الغير موجود في لبنان للأسف.
وأكد البوبو بأن لبنان يمتلك الكثير من المواهب حيث هناك جيل جديد صاعد قادر على القيام بالكثير من دون الدخول في الأسماء كي لا يتم نسيان أحد وهذا الجيل يجب أن يتم توفير الدعم المادي والفني له كي يستطيع أن يبرز موهبته كما يجب. المشكلة بأن ليس هناك إضاءة كافية على اللعبة فمن دون الإعلام والنقل التلفزيوني لا يمكن تطوير اللعبة فالرعاة يحبون اللعبة التي لديها جمهور ولبنان يضم الكثير من الأثرياء وهناك أموال كثيرة لكن المشكلة أنه لا يتم توظيفها كما يجب فمبلغ 50000 دولار فقط يمكن أن تصنع بطلا في لعبة كرة الطاولة وهذا هو راتب سنة واحدة للاعب في أي لعبة جماعية أخرى.
اللاعب في لبنان كي يصل يكون قد قام بمجهود فردي فهو شخصيا أي البوبو كان يعمل في بنك البحر المتوسط والبنك دعمه أن من ناحية السفر والمعسكرات وبالتالي يمكن لأي شركات وبنوك أخرى أن تخطو نفس الخطوة لكن هذا يتطلب عملا إداريا أكثر من قبل المسؤولين عن اللعبة عبر وضع خطة واضحة المعالم تجذب الرعاة وتشجع الجمهور أكثر على حضور اللعبة.
أما عن غياب منتخب الرجال عن كأس العالم المقبلة في السويد فقال البوبو بأنه هذه أول مرة منذ فترة طويلة لا يشارك المنتخب وهذا يعود لأن تصنيف المنتخب لم يخوله التأهل بسبب نقطة فاتت الإتحاد وهي بأنه في حال عدم السفر والمشاركة في بطولات خارجية فالتصنيف يتراجع ويأخذ مكانك دول أخرى تشارك بمنتخبها الأول وبالتالي المنتخب الأول لم يكن يسافر كثيرا فنقاطه كانت قليلة ولم تساعده في أخذ تصنيف يستطيع المشاركة من خلاله وهذا أمر يجب أن لا يتكرر.
وطلب البوبو من إتحاد اللعبة الإهتمام أكثر فالأمور الإدارية ممتازة والإتحاد لا يقصر أبدا في تنظيم البطولات لكن يجب الإهتمام أكثر بالمواهب وتأمين فرص التطور لهم فمجهود الأندية واللاعب لا يكفي فهناك بعض الاندية تعمل كثيرا على تطوير قاطع الناشئين لديها لكن الدعم الإتحادي لها ضرورة لأن اللاعب في حال وصل لعمر ال15 سنة، يكون أمامه 5 سنوات كي يتطور ويصل لمستوى تنافسي عالمي وفي حال لم يحصل ذلك في حينه يكون الأمر قد أصبح صعبا على أي لاعب لأنه هناك جيل ذهبي مر على لبنان لم يأخذ حقه كما يجب ولا يجب تكرار الأمر مع الجيل الحالي الموجود مبديا تفاؤله الدائم بمستقبل اللعبة لأن اللبناني غالبا ما يتألق في الأوقات الصعبة.