في المرة الأولى التي رحل فيها زين الدين زيدان عن ريال مدريد عام 2018، كان على الميرينغي وعشاقه ان يخسروا الاسطورة كريستيانو رونالدو الذي انتقل الى يوفنتوس الإيطالي وفي المرة الثانية لرحيل المدرب الفرنسي عن الفريق الملكي نهاية هذا الموسم، خسرت جماهير سانتياغو برنابيو اسطورة اخرى هو القائد سيرجيو راموس، وكأنما كُتب على المدريديين أن يدفعوا الثمن في كل مرة يقرر فيها زيدان الرحيل، لكن في الحقيقة هي ليست خطايا "زيزو"، إنما عنجهية رجل يجلس على كرسي، يتخذ قرارات، يُفرط بالنجوم، وفي النهاية يختار من يقيم له حفل وداع أو يتجاهله كما حصل مع ايكر كاسياس وكريستيانو رونالدو وغيرهم.
حين شاهدت الكلام الراقي الذي تفوه به راموس في المؤتمر الصحفي الوداعي والدموع التي غلبت شراسته على أرض الملعب، تساءلت: كيف يستطيع فلورنتينو بيريز أن يقول للاعب حقق 22 بطولة للميرينغي وكان قائداً بكل ما للكلمة من معنى، ان العرض الذي قدمه النادي ورفضه اللاعب في المرة الاولى ثم عاد ووافق عليه، ان العرض انتهى؟
هل يعرف بيريز ان سيرجيو راموس نال البطاقة الحمراء 26 مرة خلال تواجده مع ريال مدريد على مدى 16 عاماً لا لشيء، انما من أجل منع كرة خطرة او ايقاف مهاجم دفاعاً عن مرمى لطالما اعتبره خطا احمر وفي نادٍ أحبه أكثر من عائلته الصغيرة وبذل من أجله الغالي والنفيس.
وهل يعرف رئيس ريال مدريد ان قائده السابق سجل أكثر من 100 هدف للميرينغي طوال مسيرته وهو مدافع أصلاً وليس مهاجماً، وهل يعرف بيريز ان البطولة العاشرة في دوري أبطال أوروبا لم تكن لتتحقق لولا عنفوان قائد وشجاعة مدافع ارتقى فوق الجميع وسجل هدفاً في مرمى اتلتيكو مدريد في الوقت بدلاً عن ضائع.
بالتأكيد يعرف فلورنتينو بيريز كل تلك الامور، لكن جماهير ريال مدريد تعرف بدورها ان الفريق لم يحقق بطولة الدوري سوى مرة واحدة منذ رحيل كريستيانو رونالدو، ولم يصعد بعدها الى منصة التتويج الأوروبية، ولا احد يعرف كيف ستكون عاقبة التخلي عن سيرجيو راموس في وقت اثبت الأخير انه العمود الأبرز في القلعة البيضاء.
طويت صفحة سيرجيو راموس مع ريال مدريد بانتظار محطة جديدة سيحصد فيها بالتأكيد النجاح والإنجازات، لكنه ترك خلفه الباب مفتوحاً على مصراعيه للتحسر على كل هدف سيدخل شباك الميرينغي مستقبلاً او خطأ يرتكبه مدافع من هنا او حارس من هناك.
امتلك سيرجيو راموس الكثير من الشجاعة وهو يعلن الوداع والاحترام لكل المنتمين الى سانتياغو برنابيو، لم يكن جاحداً ولا معاتباً ولا حاقداً، وكأنه أراد ان يرسل رسالة لمن يعنيهم الأمر تحمل جملة واحدة تقول: تحلّوا بتلك الصفات احتراماً لمن ضحوا من أجلكم!.