ست سنوات قلبت مجرى الامور رأساً على عقب بالنسبة الى النجم الارجنتيني ليونيل ميسي ومنتخب التانغو بشكل عام. مَن مٍن محبي كرة القدم و"البرغوث" لا يذكر اعلانه في حزيران من العام 2016 اعتزاله اللعب دولياً اثر النكسة التي تلقاها المنتخب في كوبا اميركا وخسارته النهائي امام تشيلي عام 2015 بركلات الترجيح التي اضاع احداها.
عندها، قامت القيامة على ميسي وتحول الى "عدو" الارجنتينيين و"خائن" لقميص بلاده، واتّهمه البعض بأنه يفضل فريق برشلونة على المنتخب اذ يلعب بكامل قوته ويقدم الاداء الرائع مع الكتالونيين، فيما يبخل على المنتخب بهذا العطاء والمجهود، فتكون الخسارة واللوعة هي الملازمة للارجنتينيين الذين اعتبروا انهم لا يستفيدون من ميزة وجود افضل لاعب في العالم في صفوفهم.
هذا القرار صدم الارجنتين بأسرها، واستفاق المواطنون هناك من سباتهم الكروي، واحسوا بفداحة ما فعلوه بحق اللاعب، فنزلوا الى الطرقات مطالبين ميسي بالعودة عن قراره، وتدخل الرئيس الارجنتيني والاسطورة دييغو مارادونا الذي يحتل مكانة خاصة في قلب ميسي ومدرب المنتخب في حينه، فرضخ ميسي بعد وقت قصير للضغوط التي مورست عليه، وفي اقل من شهرين، عاد عن قراره ليفتح الباب امام مرحلة جديدة، ولكن على الرغم من ذلك لم يتمكن المنتخب من تحقيق اي انجاز خصوصاً في كأس العالم حيث خرج من الدور ربع النهائي على يد فرنسا.
ولكن بعدها، يبدو ان ميسي نفسه استفاق وادرك ان عمره لم يعد يسمح له بالمماطلة في تحقيق الالقاب، وكان لا بد له معنوياً على الاقل، ان يحرز لقباً مع الارجنتين ليعطيه ذلك الدفع اللازم للمكافحة مع المنتخب. وقد استفاد المدرب الجديد للمنتخب ليونيل سكالوني من الوضع، كما كان ميسي مرتاحاً للتشكيلة التي رافقته، فكان التناغم واضحاً وانتقلوا من فوز الى آخر، الى ان كنت محطة كوبا اميركا 2021 في البرازيل، والتي رفع فيها ميسي اول كأس له مع راقصي التانغو، فذاق طعم حلاوة الانتصار بقميص المنتخب بعد ان ذاق الامرّين من الخسائر التي تعرض لها خلال مسيرته.
وكشّر ميسي عن انيابه ولم تخسر الارجنتين معه على مدى 37 مبارة حتى الدخول الى كأس العالم والخسارة التاريخية امام السعودية. وحين اعتبر الجميع ان ميسي سيكون مرة جديدة امام مرارة الخسارة، انتفض واخرج كل ما في جعبته من قدرات وكفاءة وجهد اختزنها على مدى عقود طويلة من الزمن، وفجّرها كلها في وجه منافسيه، فألهم رفاقه وحمل مطرقته لتكسير الارقام الواحدة تلو الاخرى، الى ان حقق الحلم الذي انتظره الارجنتينيون قبل ان يولد (36 عاماً) وانتظره هو شخصياً طوال حياته وحمل كأس العالم ليتوج حياته الكروية الحافلة.
ست سنوات كانت الفترة الفاصلة بين افول نجم ميسي على صعيد العالم وبقائه في فلك النوادي، وبين اشعاع موهبته في عمر متأخر عبر اغلى لقب يحلم به اي لاعب كرة قدم على وجه الارض. ترى، كم كانت ستنتظر الارجنتين لو قرر ميسي الاستمرر في قرار اعتزاله، لتحتضن من جديد كأس العالم وتضيف نجمة اخرى على قميص لاعبي منتخبها الوطني؟