تآلف اللبنانيون مع الأزمات التي تفجرت قبل نحو خمس سنوات. التأثير السلبي أصاب جلّ القطاعات بما فيها الرياضي. بعض المسابقات تخطت وقائع الأزمة على غرار كرة السلة ونهضت من جديد، بينما لا تزال كرة القدم تتخبط في رمال متحركة، وهذا ما يتجلى في المشهد العام لبطولة الدوري الذي ينطلق الجمعة بنسخته الخامسة والستين.

- وضع أمني ضاغط -

كان يفترض أن ينطلق الموسم قبل أكثر من شهر، إلا أن الظروف الأمنية التي يعرفها الجنوب اللبناني أرخت بظلالها على اللعبة الشعبية ومسابقاتها، فاضطر اتحاد اللعبة إلى تأجيل بطولة كأس لبنان بصيغتها الجديدة (دور مجموعات ثم خروج المغلوب)، مع إمكانية إلغائها، كما اضطر الى تعديل نظام البطولة إذ أعاد العمل بنظام الموسم الفائت أي لعب كل فريق 26 مباراة (دور أول من مرحلة منتظمة ثم ثلاث سداسيات) بدلاً من 32 مباراة (دوري منتظم ذهاب وإياب، ثم سداسية ذهاب وإياب أيضاً).

وأضاف الاتحاد بندا إلى نظامه يحق فيه "في حال عدم القدرة على استكمال الموسم بسبب أحداث غير متوقعة مثل جائحة أو حروب أو أي أسباب قاهرة وغيرها تحدّدها اللجنة التنفيذية، إنهاء الموسم باستخدام متوسط النقاط لكل المباريات (قسمة عدد النقاط على عدد المباريات لكل ناد) لتحديد الترتيب النهائي للبطولة".

ورأى اللاعب الدولي السابق والمدرب حسين حمدان أن تحديات الموسم الجديد مقسّمة إلى ثلاثة عناصر إدارية وفنية ولوجستية، وتابع لفرانس برس "لا شك أن عزوف بعض الرؤساء سيترك أثراً سلبياً على الفرق ولا سيما في نادي ​العهد​ المنافس الدائم، وكذلك ​البرج​، وهذا نتائجه أزمة مالية ومثلها إدارية، وسيتأثر اللاعبون تلقائيا لأن عقودهم ترتبط بعطاءاتهم في أرض الملعب ومردودهم الفني".

- تغييرات إدارية -

عانت بعض الأندية من عدم الاستقرار الإداري قبل انطلاق الموسم، ولعل أبرزها على الإطلاق نادي العهد الذي أجرى تبديلا لافتا في موقع الرئاسة الذي تركه تميم سليمان بعد عشر سنوات في المنصب لأسباب قال إنها خاصة، وحلّ بدلاً منه زين خليفة.

ويقول الأمين العام للنادي محمد عاصي إن العهد سيتأثر حتماً بغياب رئيس للنادي "بحجم تميم سليمان الذي كان المساهم الأبرز في إنجازات العهد في السنوات الماضية"، علما أن النادي حقق في عهده لقب كأس الاتحاد الآسيوي، وهو أول لقب قاري لكرة القدم اللبنانية.

وتابع عاصي في حديث لفرانس برس: "كما تأثر النادي بانتقال ثلة من نجومه إلى أندية أخرى"، وأردف "مع وجود إدارة جديدة تمتلك ذات الطموح والدراية بقيادة زين خليفة يجرى تشكيل فريق منافس، ونحن الآن في فترة انتقالية من موسم إلى آخر، ولدينا الثقة بأننا في الخط الصحيح لإعادة تكوين الفريق بحلة جديدة معتمداً على أبنائه وأكاديميته، وبروح وأمل جديدين".

- تنافس رباعي -

اثنا عشر فريقاً سيتنافسون في الموسم العتيد، إنما دائرة الصراع على اللقب يبدو أنها محصورة بين الرباعي البيروتي الكبير ​النجمة​ حامل اللقب والمرشح للاحتفاظ به، و​الصفاء​ المتجدد عدة وعديداً وطموحاً، والعهد و​الأنصار​ صاحب 14 لقبا كزعيم للبطولة التي انطلقت قبل تسعين عاما.

وأضاف حمدان "الوضع العام في البلاد انعكس سلبا على التعاقدات حيث تأثرت غالبية الأندية وقد يكون الصفاء والنجمة استثناء في هذا الشأن".

وأشار حمدان إلى أن أندية الجنوب ستكون الأكثر تأثرا بالأوضاع إزاء الاعتداءات الإسرائيلية، متابعا "وضع أندية الجنوب ليس صحيا إذ تعتمد على إمكانياتها الذاتية حيث لم تستطع تدعيم صفوفها كما يجب".

ورأى أن الإيجابية شبه الوحيدة لهذا الموسم هو استعانة غالبية الأندية التي لن تكون مرشحة للقب بلاعبي الفئات العمرية، وهذا قد يؤسس لجيل جديد من اللاعبين.

وسيكون النجمة تحت المجهر كونه البطل، وقد باشر موسمه الجديد على أفضل نحو بعدما أحرز الكأس السوبر على حساب غريمه التقليدي الأنصار 3-1.

وحافظ النجمة على مدربه الصربي دراغان يوفانوفيتش إلى جانب المدرب عباس عطوي "ابن النادي" وعزّز صفوفه بعشرة لاعبين في مقدمهم الحارس أنطوان الدويهي وثنائي الوسط حسين منذر وبلال صباغ والمهاجم فضل عنتر، كما تعاقد مع الثلاثي الغاني كولينز أوباري، بابا موسى عبدولاي ونيانتي كوابينا داركو.

بدوره، نشط الأنصار في سوق الانتقالات بعدما حافظ على أركان الفريق ولا سيما المدرب يوسف الجوهري، وأبقى على المخضرمين حسن معتوق ونصار نصار ونادر مطر والهداف السنغالي الحاج ماليك تال ولاعب الوسط الجزائري هشام خلف الله.

ورشّح حمدان الصفاء إلى تحقيق اللقب نظراً للتدعيمات التي قام بها ولا سيما تعاقده مع الخماسي الدولي الحارس مصطفى مطر والمدافعين جورج ملكي وخليل خميس والظهير حسين الزين ومحمد الحايك إلى جهاد أيوب فضلاً عن الفلسطيني إسلام البطران والكاميروني جيروم إيتامي ومواطنه لاعب الوسط غي كلود إيكي والدولي الكيني بنسون أومالا.

كما يطمح المدير الفني للصفاء باسم مرمر لأن يصبح ثاني مدرب لبناني يتوّج باللقب مع فريقين مختلفين بعد إميل رستم، وقال لفرانس برس "فريق الصفاء ينضم إلى الأندية المرشحة لللقب، والمنافسة ستكون قوية مع النجمة و الانصار والعهد"، وتابع "الاستعدادات اللوجستية أنجزت وتبقى ارضية الميدان التي تحسم الامور".

وتطرق إلى الوضع العام قائلا "الظروف التي يمر بها لبنان اضافة إلى غياب البنى التحتية الصالحة للعب ​كرة قدم​ متطورة بالإضافة إلى التغييرات المتواصلة التي تخفض مستوى الدوري".

وستعرف البطولة وافدين جديدين إلى مصاف أندية الدرجة الأولى وهما الشباب العباسية الجنوبي وتجمّع شباب بعلبك البقاعي، حيث يتطلعان لتثبيت أقدامهما بين الكبار وهو الامر عينه الذي يرنو إليه التضامن صور والشباب الغازية، فيما يدور صراع الوسط بين البرج و​شباب الساحل​ و​الراسينغ​ بيروت و​الحكمة​ بيروت.