كل أربع سنوات، يتحول إنتباه العالم إلى كأس العالم لكرة القدم، أهم حدث رياضي عالمي. لكنه في بعض الأحيان يتحول الحدث إلى صراع بين الدول قد يقود إلى حرب دموية.
في عام 1969، إندلعت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين هندوراس والسلفادور، اللتين كانتا تتنافسان على مكان في نهائيات كأس العالم 1970 التي ستقام في المكسيك، في أعمال عدائية مفتوحة سُميت باسم "حرب كرة القدم" أو "حرب الـ100 ساعة".
فقد اشتعلت أعمال الشغب بين مشجعي البلدين في أعقاب المباراة الأولى التي جرت في العاصمة الهندوراسية تيغوسيغالبا يوم 8 يونيو/حزيران 1969، والتي فازت بها هندوراس 1-0. وعندما فازت السلفادور بالمباراة الثانية يوم 15 يونيو/حزيران في العاصمة السلفادورية سان سلفادور، تبع ذلك المزيد من العنف، لتتفجر الأوضاع تماماً بفوز السلفادور بعد المباراة الفاصلة التي أقيمت في مكسيكو سيتي في 26 يونيو/حزيران، وفازت بها السلفادور 3-2 بعد وقت إضافي.
حرب الـ 100 ساعة
بدأت الحرب في وقت باكر من صباح يوم 14 يوليو/تموز 1969 عندما ضربت القوات الجوية السلفادورية أهدافاً في هندوراس. جاء ذلك بالتزامن مع هجوم بري كبير تمركز على الطريق الرئيسي بين البلدين. على الرغم من تصدي جيش هندوراس الأصغر، تقدمت القوات السلفادورية بثبات واستولت على عاصمة المقاطعة نويفا أوكوتيبيك.
لكن في السماء، كان أداء هندوراس أفضل حيث سرعان ما دمر طياروها الكثير من القوات الجوية السلفادورية، حيث ردت القوات الجوية الهندوراسية بقصف استراتيجي لمصافي النفط ومراكز القوة الرئيسية في السلفادور، ما تسبب بمشاكل لوجستية للقوات السلفادورية أعاق تقدمها.
وكما هو حال الحروب كافة، خلفت الحرب بين البلدين مقتل ثلاثة آلاف شخص بينهم مدنيون، وأكثر من 15 ألف جريح وآلاف المشردين، بالإضافة إلى تسببها في خسائر مالية قُدرت بنحو 8 مليارات دولار. وكانت إحدى أهم أسباب نشوب حرب أهلية في السلفادور، فضلاً عن توقف الحركة التجارية بين البلدين بسبب إغلاق حدودهما، ما أثر بالسلب على عمليات السوق المشتركة لأمريكا الوسطى التي توقفت لمدة اثنين وعشرين عاماً.
عودة السلام
في نهاية اليوم الرابع للحرب، ومع نفاد الذخيرة من كلا الجانبين، تمكنت منظمة الدول الأمريكية (OAS) التي تفاوضت على وقف إطلاق النار ليلة 18 يوليو/تموز من تهدئة الأوضاع وتحقيق وقف كامل لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 20 يوليو/تموز، أعقبه بعد ذلك إنسحاب القوات السلفادورية في أوائل أغسطس/آب.
وبعد 11 عاماً من الحرب التي راح ضحيتها الآلاف بين قتيل وجريح، وخلفت خسائر بالمليارات، وقعت الدولتان معاهدة سلام في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1980 لإحتواء القضية أمام محكمة العدل الدولية.
كما إلتقى منتخبا البلدين بعد ذلك في عدة مباريات رسمية دون وقوع أي مشاكل في المدرجات أو خارجها، ونجح الفريقان فيما بعد في التأهل معاً لكأس العالم بإسبانيا في عام 1982.