لا يمكن فهم الكثير من المبررات التي تم سوقها بشأن تأجيل أكثر من نصف مباريات المرحلة 17 من الدوري الفرنسي لكرة القدم المقررة نهاية الاسبوع الحالي، وذلك بسبب الاضطرابات التي تشهدها مناطق عدة على خلفية احتجاجات اصحاب "السترات الصفراء".
ومع إرجاء ست من أصل عشر مباريات من هذه المرحلة والتي ستجمع باريس سان جرمان مع مونبلييه، تولوز مع ليون، موناكو مع نيس، سانت اتيان مع مرسيليا، أنجيه مع بوردو، ثم نيم ونانت، فإن اسئلة كثيرة طرحت حول الاسباب القاهرة لهذا الأمر رغم حالة العنف التي تشهدها فرنسا، الا أن الكلام عن ضمان القدرة على تعبئة كل القوى المتوافرة من قوات حفظ الأمن المرتبطة بشكل مباشر مع احتجاجات مطلبية محتملة ستجرى في باريس قد يدفع الكثيرين لإجراء مقارنات مع دول مماثلة شهدت حروباً لكنها لم تقترب من الأنشطة الرياضية.
فالأوضاع التي شهدتها كل من سوريا والعراق وحتى جورجيا وأوكرانيا كانت أشد وطأة مما يحدث في فرنسا ومع ذلك حافظت هذه الدول على قدر كبير من الاستمرارية لمباريات كرة القدم والأنشطة الرياضية في وقت كانت الشعوب بأمس الحاجة لاستمرار مثل هذه المواجهات كواحدة من الصور الحضارية التي تساهم في التخفيف عن كاهل المواطنين.
ولعل المثير للاستغراب ان تأجيل مباريات الدوري في فرنسا لم يكن بسبب مخاوف أمنية بقدر ما هو البحث عن المزيد من التعبئة لقوات حفظ الأمن، لتدفع جماهير كرة القدم الثمن وكأن ما تشهده البلاد لم يكن كافياً حتى يزيد من إحباطها وامتعاضها من هذا القرار.
من الواضح ان رابطة الدوري الفرنسي ستمر في مأزق صعب لجهة تحديد مواعيد المباريات التي تم تأجيلها لأن مهمتها ستكون في غاية التعقيد بسبب البرنامج المضغوط واقتراب العطلة الشتوية فضلا عن انطلاق مباريات كأس فرنسا في الاسبوع الأول من كانون الثاني/يناير المقبل، ناهيك عن المشاركات الخارجية للأندية الفرنسية في كل من دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي.
الأسئلة في فرنسا كثيرة ولكن للأسف ليست هناك من إجابات محددة حولها، فماذا لو طالت الاحتجاجات وعمت مختلف المدن الفرنسية، هل سيكون القرار بمزيد من التأجيل أو تعليق الدوري؟ وكيف سيكون الوضع لو تأجلت مرحلتين جديدتين على سبيل المثال؟
من الصعب الآن التكهن بما يمكن أن يحدث قبل انتظار ما ستسفر عنه احتجاجات يوم السبت، لكن الغرق في "بحرالتأجيل" سينعكس سلباً دون أدنى شك على كرة القدم الفرنسية وبالتالي فإن رابطة الدوري الفرنسي ستكون أمام منعطف هام ربما هو الأصعب في تاريخها حتى الآن.