لم يسبق أن شهدت الساحة العالمية فوضى بحجم ما يحدث حالياً في أميركا الجنوبية قبل أقل من اسبوع على اقامة النسخة الجديدة من بطولة ​كوبا أميركا​، والتي تم نقلها من الأرجنتين وكولومبيا إلى البرازيل بسبب جائحة كورونا وظروف سياسية أخرى، ومع ذلك فإن استضافة البرازيل للبطولة لا يزال موضع شك بسبب رفض اللاعبين البرازيليين ومن خلفهم عدد من نجوم المنتخبات الأخرى إقامتها هناك.

من الواضح ان الظروف الحالية غير مؤاتية لاقامة كوبا اميركا المؤجلة أصلاً من العام الماضي بسبب كورونا، بعدما بات مؤكداً وجود العديد من الظروف سواء الصحية او السياسية التي تحول دون انطلاقة البطولة الأهم في اميركا الجنوبية، لكن السؤال الأهم يبقى عن المغزى من اصرار اتحاد القارة على اقامتها ضارباً بعرض الحائط كل التحذيرات والاحتجاجات والمبررات لعدم اقامتها.

ولعل الغريب ان ​اتحاد اميركا الجنوبية​ الذي كان متخوفاً من الاوضاع الصحية في الارجنتين، قام بنقل البطولة الى مكان هو الأسوأ، لان البرازيل هي الدولة الثانية من حيث عدد الوفيات في العالم والثالثة من حيث الإصابات، كما انه لا يُفهم اسناد بطولة بحجم كوبا اميركا الى دولة أخرى قبل ايام على انطلاقتها ودون آلية واضحة للبروتوكول الصحي المتبع في مثل هكذا بطولات، فكيف اذا كانت تلك الدولة هي البرازيل التي تعاني كغيرها يومياً من تفاقم عدد الاصابات بجائحة كورونا.

أضف الى ذلك ان الرغبة باستضافة البرازيل لبطولة كوبا اميركا جاءت عن طريق الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو الذي يعاني من احتجاجات في الشوارع اعتراضاً على سياسات حكومته والاوضاع الاقتصادية في البلاد، وهو ما يعيدنا بالذكرى لما حدث ابان فترة النجم ​بيليه​ حين فازت البرازيل ب​كأس العالم 1970​، ومحاولة النظام السياسي وقتها استغلال هذا الانتصار لتغطية ما كان يحدث وقتها في البرازيل.

بمعنى آخر هي بطولة رياضية بغطاء سياسي وتحت ظروف صحية سيئة، لكن الاصرار على اقامتها سيحدث انقساماً عميقا في ظل الاعلان الصريح لعدد كبير من اللاعبين المحترفين في اوروبا عن رغبتهم بمقاطعتها، مما يعني ان اقامة البطولة بغياب هؤلاء سيفقد كوبا اميركا قيمتها الفنية وقد يكون لهذا الامر انعكاسات سلبية مستقبلاً على علاقة اللاعبين المحترفين بمسؤولي اتحاداتهم المحلية.

من هنا لا بد ان يتخذ المسؤولون عن كرة القدم في اميركا الجنوبية قراراً مسؤولاً بشأن إقامة البطولة في مكان آخر او الغائها نتيجة الظروف الحالية، لأن الاصرار على اقامتها في ظل هذه الظروف سيعرض الكثير من اللاعبين للخطر الصحي وهو أمر قد لا تقبل به الاندية الاوروبية والمنتظر ان ترفع من اصواتها خلال الايام المقبلة.